وآجره بشيء قليل، فقد ارتكب محظوراً. ولما علم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن بعض أمته يرتكبون هذا المحظور بالغ حيث قال: اللهم هل بلغت مرتين، كذا في المرقاة. وقال الشاه عبد العزيز الدهلوي: معنى قول الخطابي: أن من أدخل عقد في عقد آخر، كمن أدخل إعارة في رهن أو إجارة في رهن أو قرضاً في بيع ينظر هل يكون حكم ذلك العقد الداخل عند الانفراد عن العقد الذي أدخل فيه كحكمه في تعليق رضاء المتعاقدين به عند اقترانه به أم لا، فعلى الأول يصح، وعلى الثاني لا يصح، كما إذا باع متاعاً بثمن يسير ليقرضه ألفاً، فلو لم يتوقع البائع منفعة القرض لما باع بهذا القدر ولم يرض به، وكذا لو لم يكن رهن الدار بمبلغ كثير لم يرض الراهن بإجارتها بشيء يسير، ولم يرض بإعارتها فلا تصح هذه العقود، لأنها لم يتعلق بها الرضاء عند الانفراد بل عند الاقتران فقط، ولو كان بين الراهن والمرتهن صداقة تصح الإعارة أو الإجارة بشيء يسير، ولو لم ينعقد بينهما عقد الرهن صح الإعارة أو الإجارة، لأنهما مما يتعلق به الرضاء عند الانفراد لأجل الصدقة مثلاً فقط- انتهى. (هكذا) أي نقله البغوي عنه (في شرح السنة) وكلام الخطابي هذا معالم السنن (ج٣ ص٨) هكذا وفي قوله "ألا جلس في بيت أمه أو أبيه فينظر أيهدي إليه أم لا، دليل على أن كل أمر يتذرع به إلى محظور فهو محظور، ويدخل في ذلك القرض يجر المنفعة والدار المرهونة يسكنها المرتهن بلا كراء، والدابة المرهونة يركبها ويرتفق بها من غير عوض. وفي معناه باع درهماً ورغيفاَ بدرهمين، لأن معلوماَ أنه إنما جعل الرغيف ذريعة إلى أن يربح فضل الدرهم الزائد، وكذلك كل تلجئة وكل دخيل في العقود يجري مجرى ما ذكرناه على معنى قوله هلا قعد في بيت أمه حتى ينظر أيهدي إليه أم لا، فينظر في الشيء وقرينه إذا أفرد أحدهما عن الآخر، وفرق بين إقرانهما، هل يكون حكمه عند الانفراد كحكمه عند الاقتران والله أعلم" قلت: وإليه ذهب الإمام مالك، وقد بسط ذلك في المؤطا وذكر لذلك نظائر وأمثله في باب المراطلة من كتاب البيوع: منها أن الرجل يعطي صاحبه الذهب الجيد ويجعل معد ردئياً، ويأخذ منه ذهباً متوسطاً مثلاً بمثل. فقال: هذا لا يصلح، لأنه أخذ فضل جيده من الردي، ولو لاه لم يبايعه - انتهى. ملخصاً. وقد ذكره ابن رشد في البداية (ج٢ ص١٦٤- ١٦٥) مع بيان اختلاف العلماء في ذلك فارجع إليه. ومنها أن رجلاً أراد أن يبتاع ثلاثة آصع من تمر عجوة بصاعين ومدين من تمر كبيس. فقيل له: هذا لا يصلح، فجعل صاعين من كبيس، وصاعاً من حشف، يريد أن يجيز بذلك بيعه، فذلك لا يصلح، لأنه لم يكن صاحب العجوة ليعطيه صاعاً من العجوة بصاع من حشف، ولكنه إنما أعطاه ذلك لفضل الكبيس. ومنها أن يقول الرجل للرجل: يعني ثلاثة آصع من البيضاء بصاعين ونصف من حنطة شامية، فيقول: هذا لا يصلح إلا مثلاً بمثل، فيجعل صاعين من