للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قال عمر بن الخطاب: لأبي بكر: كيف تقاتل الناس وقد، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فمن قال: لا إله إلا الله عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله؟

ــ

قال الحافظ: وفي هذا الجواب نظر؛ لأنه لو كان عند عمر في الحديث حتى يقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ما استشكل قتالهم للتسوية في كون غاية القتال كل من التلفظ بالشهادتين وأقام الصلاة وإيتاء الزكاة، قال عياض: حديث ابن عمر نص في قتال من لم يصل ولم يزك كمن لم يقر بالشهادتين، واحتجاج عمر على أبي بكر، وجواب أبي بكر دل على أنهما لم يسمعا في الحديث الصلاة الزكاة إذ لو سمعه عمر لم يحتج على أبي بكر ولو سمعه أبوبكر لرد به على عمر، ولم يحتج إلى الاحتجاج بعموم قوله إلا بحقه- انتهى. قلت: في كلام عياض الأخير نظر، وسيأتي التنبيه عليه (كيف تقاتل الناس) أي الذين منعوا الزكاة مع الإقامة على أصل الدين (أمرت) بضم الهمزة مبنياً للمفعول أي أمرني الله (حتى يقولوا لا إله إلا الله) كناية عن الإسلام. قال الخطابي وغيره: المراد بقوله حتى يقولوا لا إله إلا الله: إنما هم أهل الأوثان دون أهل الكتاب، لأنهم يقولون لا إله إلا الله ثم إنهم يقاتلون ولا يرفع عنهم السيف حتى يقروا بنبوة محمد - صلى الله عليه وسلم - أويعطوا الجزية (فمن قال لا إله إلا الله) يعني كلمة الإيمان وهي لا إله إلا الله محمد رسول الله للإجماع على أنه لا يعتد في الإسلام بتلك وحدها (عصم) بفتح الصاد أي منع وحفظ (مني) أي من تعرضي أنا ومن اتبعني (ماله ونفسه) فلا يجوز هدر دمه واستباحة ماله بسبب من الأسباب (إلا بحقه) أي بحق الإسلام من نحو قصاص أو حد أو غرامة متلف ونحو ذلك. قال الطيبي: أي لا يحل لأحد أن يتعرض لماله ونفسه بوجه من الوجوه إلا بحقه، أي بحق هذا القول، أو بحق أحد المذكورين. وقال الحافظ: إن كان الضمير في قوله بحقه للإسلام فمهما ثبت أنه من حق الإسلام تناوله ولذلك اتفق الصحابة على قتال من جحد الزكاة- انتهى. قلت: ورد حديث ابن عمر المتقدم في كتاب الإيمان بلفظ: إلا بحق الإسلام فالظاهر أن ضمير بحقه في حديث الباب للقول المذكور الذي هو كناية عن الإسلام (وحسابه على الله) أي فيما يستسر به دون ما يخل به من الأحكام الواجبة عليه في الظاهر. قال الطيبي: يعني من قال لا إله إلا الله، وأظهر الإسلام نترك مقاتلته ولا نفتش باطنه، هو مخلص أم لا؟ فإن ذلك إلى الله تعالى وحسابه عليه. قال الخطابي: فيه دليل على أن الكافر المستسر بكفره لا يتعرض له إذا كان ظاهره الإسلام ويقبل توبته إذا أظهر الإنابة من كفر علم بإقراره أنه كان يستسر به وهو قول أكثر العلماء، وذهب مالك إلى أن توبة الزنديق لا تقبل، ويحكى ذلك أيضاً عن أحمد بن حنبل - انتهى. وقال العيني في هذا الحديث: قبول توبة الزنديق ولأصحاب الشافعي في الزنديق الذي يظهر الإسلام ويبطن الكفر ويعلم ذلك بأن يطلع الشهود على كفر كان يخفيه أو علم بإقراره خمسة

<<  <  ج: ص:  >  >>