للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

.............................

ــ

وأما ما روى أبوداود وغيره من طريق عبد العزيز بن أبي داود عن نافع عن ابن عمر قال كان الناس يخرجون صدقة الفطر على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صاعاً من شعير، أو صاعاً من تمر أو زبيب فلما كان عمر وكثرت الحنطة فجعل عمر نصف صاع من حنطة مكان صاع من تلك الأشياء. فقال الحافظ: قد حكم مسلم في كتاب التمييز على عبد العزيز فيه بالوهم وأوضح الرد عليه. وقال ابن عبد البر: قول ابن عيينة: (أي في جعل معاوية نصف الصاع من الحنطة عدل صاع من تلك الأشياء) عندي أولى. وقال ابن المنذر: لا نعلم في القمح خبراً ثابتاً عن النبي - صلى الله عليه وسلم - يعتمد عليه، ولم يكن البر بالمدينة في ذلك الوقت إلا الشيء اليسير منه، فلما كثر في زمن الصحابة رأوا إن نصف صاع منه يقوم مقام صاع من شعير، وهم الأئمة فغير جائز أن يعدل عن قولهم إلا إلى قول مثلهم، ثم أسند عن عثمان وعلي وأبي هريرة وجابر وابن عباس وابن الزبير وأمه أسماء بنت أبي بكر بأسانيد صحيحة، إنهم رأوا إن في زكاة الفطر نصف صاع من قمح - انتهى. قال الحافظ: وهذا مصير منه إلى اختيار ما ذهب إليه الحنفية لكن حديث أبي سعيد دال على أنه لم يوافق على ذلك. وكذلك ابن عمر فلا إجماع في المسألة خلافا للطحاوي - انتهى. وتعقبه العيني فقال: أما أبوسعيد فإنه لم يكن يعرف في الفطرة إلا التمر والشعير والأقط والزبيب، والدليل عليه ما روى عنه في رواية، كنا نخرج على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير. الحديث - لا نخرج غيره. وأما روايته الأخرى كنا نخرج زكاة الفطر صاعاً من طعام، فقد بينت إن الطعام اسم لما يطعم مما يؤكل ويقتات فيتناول الأصناف التي ذكرها في حديثه، وجواب آخر إن أباسعيد إنما أنكر على معاوية على إخراجه المدين من القمح، لأنه ما كان يعرف القمح في الفطرة وكذلك ما نقل عن ابن عمر - انتهى. قلت: قد عرفت مما قدمنا إن أباسعيد كان يرى إن الواجب من كل شيء صاع خلافاً لمعاوية، ومن وافقه، ولكنه لم يخرج من البر قط لا صاعاً ولا نصفه لا؛ لأنه ما كان يعرف القمح في الفطرة بل إتباعاً لما كان يفعله الصحابة في زمانه - صلى الله عليه وسلم - من إخراج غير البر، وكذا ابن عمر. فدعوى الإجماع على النصف من البر مع مخالفته أبي سعيد وابن عمر مردودة. وأعلم أن الواجب في صدقة الفطر عند مالك والشافعي وأحمد وإسحاق صاع عن كل إنسان لا يجزي أقل من ذلك من جميع الأجناس المخرج، وروى ذلك عن أبي سعيد الخدري والحسن وأبي العالية. وقال أبوحنيفة والثوري أنه يجزيء نصف صاع من البر خاصة. وروى ذلك عن عثمان وابن الزبير ومعاوية، وهو مذهب ابن المسيب وعطاء وطاووس ومجاهد وعمر بن عبد العزيز وعروة بن الزبير وأبي سلمة بن عبد الرحمن وسعيد بن جبير وابن المبارك وغيرهم. واحتج لقول الأئمة الثلاثة بحديث أبي سعيد هذا، وذلك بوجوه. الأول إن الطعام في عرف أهل الحجاز اسم للحنطة خاصة لاسيما، وقد قرنه بباقي المذكورات قاله النووي. وقد تقدم الكلام على

<<  <  ج: ص:  >  >>