وقائع متعددة ولا يخفى بعده. وأما حديث أبي لاس، فقال الحافظ في الفتح: رجاله ثقات، إلا أن فيه عنعنة ابن إسحاق، ولهذا توقف ابن المنذر في ثبوته - انتهى. ويشير بذلك إلى ما حكى عنه أنه قال إن ثبت حديث ابن لاس قلت بذلك، قال الحافظ: وتعقب بأنه يحتمل أنهم كانوا فقراء وحملوا عليها خاصة ولم يتملكوها - انتهى. وأما أثر ابن عباس فهو أيضاً مضطرب صرح به أحمد كما في الفتح، وقد بين اضطرابه الحافظ، ولذلك كف أحمد عن القول بالإعتاق من الزكاة تورعاً وقيل بل رجح عن هذا القول. والثاني أنه لا ينكر إن الحج من سبيل الله بل كل فعل خير من سبل الله، لكن لا يلزم من هذا أن يكون السبيل المذكور في هذه الأحاديث هو المذكور في الآية، فإن المراد في هذه الأحاديث المعنى الأعم وفي الآية نوع خاص منه، وهو الغزو والجهاد، لحديث أبي سعيد. وإلا فجميع الأصناف من سبيل الله بذلك المعنى. قال ابن حزم: فإن قيل قد روى عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن الحج من سبيل الله، وصح عن ابن عباس أن يعطى منها في الحج، قلنا نعم، وكل فعل خير فهو من سبيل الله تعالى، إلا أنه لا خلاف في أنه تعالى لم يرد كل وجه من وجوه البر في قسمة الصدقات، فلم يجز أن توضع إلا حيث بين النص وهو الذي ذكرنا - انتهى. وقال ابن قدامة: هذا أي عدم صرف الزكاة في الحج أصح، لأن الزكاة إنما تصرف إلى أحد رجلين محتاج إليها كالفقراء والمساكين، وفي الرقاب والغارمين لقضاء ديونهم وابن السبيل، أو من يحتاج إليه المسلمون كالعامل والغازي والمؤلف والغارم لإصلاح ذات البين والحج من الفقير لا، نفع للمسلمين فيه ولا حاجة بهم إليه ولا حاجة به أيضاً إليه، لأن الفقير لا فرض عليه فيسقطه ولا مصلحة له في إيجابه عليه وتكليفه مشقة قدر فهه الله منها، وخفف عنه إيجابها. وأما الخير (يعني حديث إن الحج في سبيل الله) فلا يمنع أن يكون الحج من سبيل الله، والمراد بالآية غيره لما ذكرنا - انتهى. وقال ابن الهمام: متعقباً على الاستدلال المذكور، ثم فيه نظر لأن المقصود ما هو المراد بسبيل الله المذكور في الآية، والمذكور في الحديث لا يلزم كونه إياه لجواز أنه أراد الأمر الأعم وليس ذلك المراد في الآية بل نوع مخصوص، وإلا فكل الأصناف في سبيل الله بذلك المعنى - انتهى. وقال صاحب تفسير المنار: بعد الكلام في سند حديث أم معقل ما لفظه، وأقول من جهة المعنى. أولاً إن جعل أبي معقل جمله في سبيل الله أو وصيته به صدقة تطوع، وهي لا يشترط فيها إن تصرف في هذه الأصناف التي قصرتها عليها الآية، وثانياً: إن حج امرأته عليه ليس تمليكاً لها يخرج الجمل عن إبقاءه على ما أوصى به أبومعقل، ويقال مثل هذا في حديث أبي لاس. وثالثاً: إن الحج من سبيل الله بالمعنى العام للفظ، والراجح المختار أنه غير مراد في الآية - انتهى. وأما القول الثالث: فهو أبعد الأقوال لأنه لا دليل عليه لا من كتاب ولا من سنة صحيحة أو سقيمة ولا من إجماع، ولا من رأى صحابي