للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أو لغارم

ــ

الأجرة. فقال الحنفية: كما في البدائع على سبيل الكفاية لا على طريق الأجرة، لأن مجهولة. لأن قدر الكفاية له ولا عوانه غير معلوم. ولأن الأجرة لا تكون إلا على عمل معلوم ومدة معينة. وقال غيرهم: بطريق الأجرة لكن عند الشافعية يستحق أجرة المثل. وقال ابن قدامة: (ج٦:ص٤٢٦) الامام مخير بين أن يستأجر العامل إجارة صحيحة بأجر معلوم إما على مدة معلومة وإما على عمل معلوم، وبين أن يجعل له جعلاً معلوماً على عمله فإذا عمله استحق المشروط وإن شاء بعثه من غير تسمية ثم أعطاه، فإن عمر رضي الله عنه قد عمله رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ما رجع من عمله فقال عمر: أعطه أحوج مني - الحديث. فإن تلفت الصدقة بيده قبل وصولها إلى أربابها من غير تفريط فلا ضمان عليه، ويستحق أجرة من بيت المال وإن لم تتلف أعطى أجر عمله منها، وإن كان أكثر من ثمنها أو أقل. ثم قسم الباقي على أربابها لأن ذلك من مؤنتها فجرى مجرى علفها ومداومتها، وإن رأى الامام أعطاه أجرة من بيت المال أو يجعل له رزقاً في بيت المال ولا يعطيه منها شيئاً فعل -انتهى. قلت: الظاهر عندي إن العامل يستحقه على سبيل الأجرة، لأن سبب الاستحقاق إنما هو عمله فيكون المأخوذ في مقابلته أجرة، فيعطى عمالة بقدر عمله وأجرة مثله، فإن كانت زائدة على حاجته أو كان غير محتاج فله أن يأكل منها ويتصدق، كما يدل عليه قوله - صلى الله عليه وسلم -: كل وتصدق، وقد يجب عليه الزكاة فيما يأخذ منها بشروطها من النصاب والحول، وقد يستغنى عنه فيسقط سهمه. ثم هذا مخصص بما تقدم من حديث المطلب بن ربيعة وحديث أبي رافع فلا يعطى العامل الهاشمي ومولاه عمالته منها (أو لغارم) هو من غرم لا لنفسه بل لغيره كإصلاح ذات البين بأن يخاف وقوع فتنة بين شيخين أو قبيلتين فيستدين من يطلب صلاح الحال بينهما مالاً لتسكين الثائرة فيجوز له أن يقضى ذلك من الزكاة وإن كان غنياً، هذا فسره الشافعي والجمهور. قال ابن تيمية في المنتقى يحمل هذا الغارم على من تحمل حمالة لإصلاح ذات البين كما في حديث قبيصة الآتي لا لمصلحة نفسه لقوله في حديث أنس، أو لذي غرم مفظع - انتهى. وقال الخطابي: أما الغارم الغني فهو الرجل يتحمل الحمالة ويدان في المعروف وإصلاح ذات البين، وله مال إن بيع فيها افتقر فيوفر عليه ماله، ويعطى من الصدقة ما يقضي به دينه. وأما الغارم الذي يدان نفسه وهو معسر فلا يدخل في هذا المعنى، لأنه من جملة الفقراء - انتهى. وقال أبوحنيفة: الغارم مديون استغرق دينه ماله، وفي الهداية الغارم من لزمه دين ولا يملك نصاباً فاضلاً عن دينه. ورد بأنه من جملة الفقراء، والحاصل إن الغارم يحل له أخذ الزكاة لقضاء ما تحمل وإن كان غنياً فهو كالغازي والمؤلف عند الشافعي وأحمد والجمهور. قال أبوحنيفة: لا تحل له إلا إذا كان فقيراً لعموم حديث عبد الله بن عمرو المتقدم مع حديث معاذ. قال الشوكاني: لا وجه لاشتراط الفقر فيه فإن القرآن لم يشترط ذلك، والسنة المطهرة مصرحة بعدم اشتراط الفقر فيه، كما في حديث أبي سعيد فذكره، ثم قال فهذا الحديث فيه التصريح بعدم اشتراط الفقر في الغارم. ومن ذكر معه بل

<<  <  ج: ص:  >  >>