للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

..........................

ــ

عليه صوم ذلك اليوم وما روى الجصاص في أحكام القرآن (ج١ ص١٩٩) عن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصبح ولم يجمع الصوم ثم يبدو له فيصوم ففيه إن في حديث عائشة ليث بن أبي سليم عن عبد الله وليث هذا اختلط بآخره ولم يتميز حديثه وعبد الله. قال الدارقطني: ليس بمعروف وفي حديث ابن عباس عمر بن هارون وهو ضعيف جداً هذا. وقال ابن قدامة: وأي وقت من النهار نوى أجزأه سواء في ذلك ما قبل الزوال وبعده هذا ظاهر كلام أحمد والخرقي وهو ظاهر قول ابن مسعود. وروى عن ابن عباس عند الطحاوي وعن حذيفة عند عبد الرزاق وابن أبي شيبة والطحاوي. واختار القاضي في المحرر أنه لا تجزئه النية بعد الزوال وهذا مذهب أبي حنيفة والمشهور من قولي الشافعي لأن معظم النهار مضى من غير نية بخلاف الناوي قبل الزوال فإنه قد أدرك معظم العبادة ولهذا تأثير في الأصول. ولنا أنه نوى في جزء من النهار فأشبه ما لو نوى في أوله إذا ثبت هذا فإنه يحكم له بالصوم الشرعي المثاب عليه من وقت النية في المنصوص عن أحمد وهو قول بعض أصحاب الشافعي. وقال أبوالخطاب في الهداية: يحكم له بذلك من أول النهار لأن الصوم لا يتبعض في اليوم - انتهى مختصراً. واحتج الحنفية لما ذهبوا إليه من أن الصوم الواجب المتعين يكفي فيه النية نهاراً بقوله تعالى: {أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نساءكم} إلى قوله: {ثم أتموا الصيام إلى الليل} [البقرة:١٨٧] قال الكاساني: أباح للمؤمنين الأكل والشرب والجماع في ليالي رمضان إلى طلوع الفجر وأمر بالصيام عنها بعد طلوع الفجر متأخراً عنه، لأن كلمة ثم للتعقيب مع التراخي فكان هذا أمراً بالصوم متراخياً عن أول النهار. والأمر بالصوم أمر بالنية إذ لا قيمة للصوم شرعاً بدون النية فكان هذا أمراً بالصوم بنية متأخرة عن أول النهار وقد أتى به فقد أتى بالمأمور به فيخرج عن العهدة - انتهى. وقال في التلويح: (ص١٨٧) في بحث إشارة النص ومن أمثلة الإشارة قوله تعالى: {ثم أتموا الصيام إلى الليل} قالوا: فيه إشارة إلى جواز النية بالنهار لأن كلمة "ثم" للتراخي فإذا ابتديء الصوم بعد تبين الفجر حصلت النية بعد مضى جزء من النهار، لأن الأصل اقتران النية بالعبادة فكان موجب ذلك وجوب النية بالنهار إلا أنه جاز بالليل إجماعاً عملاً بالسنة، وصار أفضل لما فيه من المسارعة والأخذ بالاحتياط. قال الشيخ أبوالمعين إن أبا جعفر الخباز السمرقندي هو الذي استدل بالآية على الوجه المذكور أي على جواز النية بالنهار: لكن للخصم أن يقول أمر الله تعالى بالصيام بعد الانفجار، وهو أي الصوم اسم للركن لا لشرط (وهو النية فينبغي كون الركن بعد الانفجار والشرط يكون متقدماً على المشروط) وأيضاً ينبغي أن يوجد الإمساك الذي هو الصوم الشرعي عقيب آخر جزء من الليل متصلاً ليصير المأمور ممتثلاً ولا يكون الإمساك صوماً شرعياً بدون النية فلا بد منها في أول جزء من أجزاء النهار حقيقة بأن تتصل به، أو حكماً بأن تحصل في الليل وتجعل باقية إلى الآن

<<  <  ج: ص:  >  >>