للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فسكت، فجعل يقرأ ووجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتغير، فقال أبوبكر: ثكلتك الثواكل، ما ترى ما بوجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فنظر عمر إلى وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: أعوذ بالله من غضب الله وغضب رسوله، رضينا بالله رباً وبالإسلام ديناً، وبمحمد نبياً. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: والذي نفس محمد بيده لو بدا لكم موسى فاتبعتموه وتركتموني لضللتم عن سواء السبيل، ولو كان حياً وأدرك نبوتي لاتبعني)) رواه الدارمي.

١٩٥- (٥٦) وعنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((كلامي لا ينسخ كلام الله، وكلام الله ينسخ كلامي، وكلام الله ينسخ بعضه بعضاً.

ــ

نطالع فيها لنطلع على ما فيها من أخبار الأمم وشرائع موسى؟ (فسكت) من كمال حلمه (فجعل يقرأ) أي شرع عمر يقرأ النسخة ظناً منه أن السكوت علامة الرضا والإذن. (يتغير) أي من أثر الغضب (ثكلتك) أي فقدتك (الثواكل) جمع ثاكل وثاكلة، أي من الأمهات والبنات والأخوات، وأصله دعاء للموت، لكنه مما يجري على ألسنتهم ولا يراد بها الدعاء، كتربت يمينه. (ما ترى) "ما" نافية بتقدير الاستفهام. (ما بوجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) "ما" هذا موصولة أو موصوفة. (أعوذ بالله من غضب الله وغضب رسوله) غضب الله توطئه لذكر غضب رسوله إيذاناً بأن غضبه غضبة، وإيماء إلى أن التعوذ إنما هو من غضب الله حقيقة، وإنما يتعوذ من غضب رسوله؛ لأنه سبب لغضبه تعالى. (رضينا بالله رباً) الخ. قاله أعتذاراً عما صدر عنه، وجمع الضمير إرشاداً للسامعين، أو إيماء إلى أنه مع الحاضرين مقام الرضا طلباً للرضا اجتناباً عن الغضب (لو بدا) بالألف دون الهمزة أي ظهر (لكم موسى) على سبيل الفرض، والتقدير (فاتبعتموه وتركتموني) لم يقتصر على الاتباع؛ لأنه بمجرده لا محذور فيه، إنما المحذور في اتباع يؤدي إلى الترك. (لضللتم) بفتح اللام وكسرها من ضرب وسمع (عن سواء السبيل) فكيف مع وجودي وعدم ظهور موسى تتبعون كتابه المنسوخ. (ولو كان) أي موسى (حياً) أي في الدنيا (وأدرك نبوتي) أي زمانها (لاتبعني) ؛ لأن دينه صار منسوخاً في زماني، ولأخذ الميثاق منه ومن سائر الأنبياء على ذلك، وفي الحديث نهي بليغ عن العدول من الكتاب والسنة إلى غيرهما. (رواه الدارمي) وأخرجه أيضاً ابن حبان في صحيحه، وفي الباب عن ابن عباس أخرجه أحمد، وعن عبد الله بن ثابت الأنصاري أخرجه ابن سعد، وأحمد، والحاكم في الكنى، والطبراني في الكبير، والبيهقي في شعب الإيمان، وعن أبي الدرداء أخرجه الطبراني في الكبير، وعن عبد الله بن الحارث أخرجه البيهقي في الشعب.

١٩٥- قوله: (كلامي لا ينسخ كلام الله) النسخ في اللغة الرافع والإزالة، ومنه نسخت الشمس الظل، ونسخت

<<  <  ج: ص:  >  >>