ونقل صحاب الميزان عن أحمد أنه قال ليس بقوى وعن حديث ابن عباس بأنه مضطرب متنا وأجيب عن الأول بأن عبيد الله هذا من رجال السنة، ووثقه أحمد في رواية عبد الله ابنه عنه وأبوحاتم والنسائي وابن سعد: وقال ابن يونس: كان عالماً زاهداً، وإن صح ما نقل صحاب الميزان عن أحمد فلعله في شيء مخصوص، وقد احتج به الجماعة قاله الحافظ في مقدمه الفتح. فالحديث صحيح جداً، ولذلك اتفق الشيخان على تخريجه في صحيحهما، ولم ينتقده أحد ممن انتقدهما، بل اتفقوا على صحته وقبوله، وأجيب عن الثاني بعدم تسليم الاضطراب فيه كما بين ذلك الحافظ في الفتح. وأجابوا أيضاً بأنه روى عن عائشة وابن عباس وهما رويا حديث الصيام عن الميت أنهما لم يريا الصيام عنه كما تقدم، وفتوى الراوي على خلاف مرويه بمنزلة روايته للناسخ. وتعقبه ابن حزم بوجوه، أحدها إن الله تعالى إنما افترض علينا إتباع رواية الصحابي عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يفترض علينا قط إتباع رأى أحدهم. والثاني: أن قد يترك الصحابي إتباع ما روى لوجوه، وهي أن يتأول فيما روى تأويلاً ما اجتهد فيه فاخطأ فاخبر مرة أو أن يكون نسي ما روى، فافتى بخلافه أو أن تكون الرواية عنه بخلافه وهما، ممن روى ذلك عن الصحابي، فإذ كل ذلك ممكن فلا يحل ترك ما افترض عليها إتباعه من سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما لم يأمرنا بإتباعه لو لم يكن فيه هذه العلل فكيف وكلها ممكن فيه، ولا معنى لقول من قال هذا دليل على نسخ الخبر، لأنه يعارض بأن يقال كون ذلك الخبر عند ذلك الصحابي دليل على ضعف الرواية عنه بخلافه أو لعله قد رجع عن ذلك. والثالث، أن نقول لعل الذي روى فيه عن عائشة فيه الإطعام كان لم يصح حتى ماتت فلا صوم عليها. والرابع، أنه قد روى عن ابن عباس الفتيا بما روى من الصوم عن الميت كما تقدم، فصح أنه قد نسى أو غير ذلك مما الله تعالى أعلم به-انتهى مختصراً، وقال الحافظ: بعد ذكر اعتلال الحنفية بنحو ما تقدم ما لفظه، والراجح أن المعتبر ما رواه الصحابي لا ما رآه لاحتمال أن يخالف ذلك لاجتهاد ومستنده فيه لم يتحقق، ولا يلزم من ذلك ضعف الحديث عنده، وإذا تحقق صحة الحديث لم يترك المحقق للمظنون وتعقبه العيني كعادته بما لا يلتفت إليه. وأجابوا أيضاً عن حديث عائشة بأن المراد بقوله صام عنه وليه، أي فعل عنه وليه ما يقوم مقام الصوم وهو الإطعام، قال الماوردي: وهو نظير قوله التراب وضوء المسلم إذا لم يجد الماء، قال فسمي البدل باسم المبدل فكذلك هنا. وقال الخطابي (ج٢:ص١٢٢) تأوله بعض أهل العلم فقال معناه أطعم عنه وليه، فإذا فعل ذلك فكأنه قد صام عنه سمي الإطعام صياما على سبيل المجاز والاتساع إذ كان الطعام قد ينوب عنه، وقد قال سبحانه أو عدل ذلك صياماً فدل على أنهما يتناوبان-انتهى. وتعقب بأنه صرف للفظ عن ظاهره بغير دليل، بل يدل على ما ذكرنا من آثار ابن عمر وابن عباس وعائشة على كون الصوم في حديث عائشة المرفوع في معناه الحقيقي. قال السندي: من لا يقول بالصيام عن الميت يدعى النسخ بأدلة غير تامة،