للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٢٢١٧- (٩) وعن عبد الله بن مسعود، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو على المنبر: ((اقرأ علي. قال: اقرأ عليك وعليك أنزل؟ قال إني أحب أن أسمعه من غيري. فقرأت النساء حتى أتيت إلى هذه الآية {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيدٍ وجئنا بك على هؤلاء شهيداً}

ــ

٢٢١٧- قوله: (وهو على المنبر) جملة حالية (اقرأ عليك) أي اقرأ عليك (وعليك أنزل) بضم الهمزة أي القرآن والجملة حالية، أي جريان الحكمة على لسان الحكيم أحلى، وكلام المحبوب على لسان الحبيب أولى (إني أحب) أي في بعض الأحوال (أن أسمعه من غيري) قال ابن بطال: يحتمل أن يكون أحب أن يسمعه من غيره ليكون عرض القرآن سنة. ويحتمل أن يكون لكي يتدبره ويتفهمه وذلك إن المستمع أقوى على التدبر ونفسه أخلى وانشط لذلك من القاري لاشتغاله بالقراءة وأحكامها، وهذا بخلاف قراءته هو صلى الله عليه وسلم على أبي بن كعب فإنه أراد أن يعلمه كيفية أداء القراءة، ومخارج الحروف ونحو ذلك (فقرأت) عليه (سورة النساء) أي من أولها كما في رواية لمسلم (فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد) أي أحضرنا منهم شهيداً يشهد عليهم بما فعلوا وهو نبيهم وهو استفهام توبيخ أي فكيف حال هؤلاء الكفار أو صنيعهم إذا جئنا من كل أمة بنبيهم يشهد على كفرهم كقوله تعالى: {وكنت عليهم شهيداً ما دمت فيهم} [المائدة: ١١٧] فكيف في موضع رفع خبر مبتدأ محذوف، والعامل في إذا هو هذا المقدار، أو في محل نصب بفعل محذوف أي فكيف يكونون، أو يصنعون ويجري فيها الوجهان النصب على التشبيه بالحال كما هو مذهب سيبويه، أو على التشبيه بالظرفية كما هو مذهب الأخفش وهو العامل في إذا أيضاً "ومن كل أمة" متعلق بجئنا والمعنى أنه يوتي بنبي كل أمة يشهد عليها ولها (وجئنا بك) يا محمد (على هؤلاء) أي أمتك (شهيداً) حال أي شاهداً على من آمن بالإيمان وعلى من كفر بالكفر وعلى من نافق بالنفاق. وقيل: أي تشهد على صدق هؤلاء الشهداء لحصول علمك بعقائدهم لدلالة كتابك وشرعك على قواعدهم. قال أبوحيان: الأظهر إن هذه الجملة في موضع جر عطفاً على جئنا الأول أي فكيف يصنعون في وقت المجيئين. قال الحافظ: وقع في رواية محمد بن فضالة الظفري إن ذلك كان وهو صلى الله عليه وسلم في بني ظفر، أخرجه ابن أبي حاتم والطبراني وغيرهما من طريق يونس بن محمد بن فضالة عن أبيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتاهم في بني ظفر ومعه ابن مسعود وناس من أصحابه فأمر قارئاً فقرأ فأتى على هذه الآية فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيدٍ وجئنا بك على هؤلاء شهيداً فبكى حتى ضرب لحياة وجنتاه فقال: يا رب! هذا على من أنا بين ظهريه فكيف بمن لم أره. وأخرج ابن المبارك في الزهد من طريق سعيد بن المسيب قال: ليس من يوم إلا يعرض على النبي صلى الله عليه وسلم أمته غدوة وعشية فيعرفهم بسيماهم وأعمالهم فلذلك يشهد عليهم ففي هذا المرسل ما يرفع

<<  <  ج: ص:  >  >>