للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

متفق عليه.

٢٢٤٧- (٣) وعنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا دعا أحدكم فلا يقل: اللهم اغفر لي إن شئت،

ــ

ترجيحه حسن إلا أنه يرد عليه قوله جلدته فإن هذا الجواب لا يتمشى فيه إذ لا يقع الجلد عن غير قصد، وقد ساق الجمع مساقاً واحداً إلا أن حمل على الجلدة الواحدة فيتجه. ويحتمل أن يقال إنه كان لا يقول ولا يفعل - صلى الله عليه وسلم - في حال غضبه إلا الحق لكن غضبه الله قد يحمله على تعجيل معاقبة مخالفة وترك الاغضاء والصفح، ويؤيده حديث عائشة ما انتقم لنفسه قط إلا أن تنتهك حرمات الله وهو في الصحيح. قال الحافظ: فعلى هذا فمعنى قوله ليس لها بأهل أي من جهة تعين التعجيل قال. وفي الحديث كمال شفقته - صلى الله عليه وسلم - على أمته وجميل خلقه وكرم ذاته حيث قصد مقابلة ما وقع منه بالجبر والتكريم، وهذا كله في حق المعين في زمنه واضح. وأما ما وقع منه بطريق التعميم لغير معين حتى يتناول من لم يدرك زمنه - صلى الله عليه وسلم - فما أظنه يشمله والله اعلم - انتهى. (متفق عليه) أخرجه البخاري في الدعوات، ومسلم في الأدب واللفظ المذكور لمسلم، وأخرجه أيضاً أحمد (ج٢ص٢٤٣) وأبويعلى وقد جاء هذا الحديث من طرق مختلفة اللفظ باتفاق المعنى، فقد ورد عن عائشة وجابر وأنس عند مسلم وعن أبي سعيد عند أبي يعلى وسمرة بن جندب عند الطبراني وأبي الطفيل عامر بن واثلة عند الطبراني أيضاً وأنس وعائشة أيضاً عند أحمد بغير السياق الذي في صحيح مسلم.

٢٢٤٧- قوله: (إذا دعا أحدكم) أي طلب من الله وسأله شيئاً (فلا يقل اللهم اغفر لي إن شئت إلخ) قال في المفاتيح: نهى عن قول إن شئت في الدعاء لأن هذا شك في قبول الدعاء، ولأن لفظ إن شئت إذا قلته لأحد معناه إني جعلت الخيرة إليك يعني لم يكن قبل قولك إن شئت مختاراً، بل لو لم تقل إن شئت كان يلزم عليه قبول الدعاء شاء أو لم يشأ فإذا قلت إن شئت جعلته مخيراً وهذا لا يجوز في حق الله سبحانه وتعالى فإنه لا حكم لأحد عليه وليس لأحد أن يكرهه بل هو فعال لما يريد. فكيف يجوز أن يقال له إن شئت بل يعزم السائل مسألته وليسأل من غير شك وتردد بل ليكن متيقناً في قبول الدعاء، فإن الله كريم لا بخل عنده وقدير لا يعجز عن شيء – انتهى. وقال الباجي: معنى الحديث لا يشترط مشيئة باللفظ، فإن ذلك أمر معلوم متيقن إنه لا يغفر إلا أن يشاء ولا يصح غير هذا، فلا معنى لاشتراط المشيئة لأنها إنما تشترط فيمن يصح منه أن يفعل دون أن يشاء بالإكراه وغيره مما تنزه الله سبحانه عنه. وقد بين ذلك صلى الله عليه وسلم في آخر الحديث بقوله "فإنه لا مكره له" - انتهى. مع أنه يتضمن إيهام الاستغناء الغير اللائق بمقام الدعاء والسؤال فاللائق بالمقام تركه، والنهي للتحريم أو للتنزيه فيه خلاف. قال الحافظ قال ابن عبد البر: لا يجوز لأحد أن يقول اللهم أعطني إن شئت وغير ذلك من أمور الدين والدنيا، لأنه كلام مستحيل لا وجه له، لأنه لا يفعل إلا ما شاءه وظاهره إنه

<<  <  ج: ص:  >  >>