للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٢٨٧- (٥) وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يقول الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي،

ــ

٢٢٨٧- قوله: (أنا عند ظن عبدي) المؤمن (بي) قال الطيبي: أخذاً عن التوربشتي الظن لما كان واسطة بين الشك واليقين استعمل تارة بمعنى اليقين، وذلك إن ظهرت إماراته وتارة بمعنى الشك إذا ضعفت علاماته، وعلى المعنى الأول قوله تعالى: {الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم} [البقرة:٤٦] أي يوقنون على ربهم المعنى الثاني قوله تعالى: {وظنوا أنهم إلينا لا يرجعون} [القصص: ٣٩] أي توهموا، والظن في الحديث يجوز إجراءه على ظاهره، ويكون المعنى أنا أعامله على حسب ظنه بي وأفعل به ما يتوقعه مني من خير أو شر. والمراد الحث على تغليب الرجاء على الخوف وحسن الظن بالله كقوله عليه الصلاة والسلام (لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله، ويجوز أن يراد بالظن اليقين والمعنى أنا عند يقينه بي وعلمه بأن مصيره إلي وحسابه عليّ وإن ما قضيت به له أو عليه من خير أو شر لا مرد له لا معطي لما منعت ولا مانع لما أعطيت – انتهى. وقال القرطبي في المفهم: قيل معنى ظن عبدي بي ظن الإجابة عند الدعاء وظن القبول عند التوبة وظن المغفرة عند الاستغفار وظن المجازاة عند فعل العبادة بشروطها تمسكاً بصادق وعده قال، ويؤيده في الحديث الآخر ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة قال ولذلك ينبغي للمرأ أن يجتهد في القيام بما عليه موقنا بأن الله يقبله ويغفر له لأنه وعد بذلك وهو لا يخلف الميعاد، فإن اعتقد أو ظن إن الله لا يقبلها وإنها لا تنفعه فهذا هو اليأس من رحمة الله وهو من الكبائر، ومن مات على ذلك وكل إلى ما ظن كما في بعض طرق الحديث المذكور فليظن بي عبدي ما شاء. قال وأما ظن المغفرة مع الإصرار على المعصية فذلك محض الجهل والعزة وهو يجر إلى مذهب المرجئة – انتهى. قلت: تغليب الرجاء وترجيحه على الخوف قيده بعض أهل التحقيق بالمحتضر. قال الحافظ: ويؤيد ذلك حديث لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله وهو عند مسلم من حديث جابر، وأما قبل ذلك فأقول ثالثها الاعتدال. وقال الشوكاني في تحفة الذاكرين في شرح هذا الحديث: فعلى العبد أن يكون حسن الظن بربه في جميع حالاته ويستعين على تحصيل ذلك باستحضار ما ورد من الأدلة الدالة على سعة رحمة الله سبحانه وتعالى في الكتاب والسنة. وقال ابن عباد: حسن الظن يطلب من العبد في أمر دنياه وفي أمر آخرته. أما أمر دنياه فأن يكون واثقاً بالله تعالى في إيصال المنافع والمرافق إليه من غير كد أو بسعي خفيف مأذون فيه ومأجور عليه، وبحيث لا يفوته ذلك شيئاً من فرض ولا نفل فيوجب له ذلك سكوناً وراحة في قلبه وبدنه فلا يستفزه طلب ولا يزعجه سبب. وأما أمر آخرته فإن يكون قوى الرجاء في قبول أعماله الصالحة وتوفية أجوره عليها في دار الجزء فيوجب له ذلك المبادرة لإمثتال الأمر والتكثير من أعمال البر يوجد أن حلاوة ونشاط ومن مواطن حسن الظن بالله تعالى التي لا ينبغي

<<  <  ج: ص:  >  >>