للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثالثها أن المعنى أجعل له مقاصده كأنه ينالها ويراها بسمعه وبصره الخ رابعها كنت له في النصرة كسمعه وبصره ويده ورجله في المعاونة على عدوه خامسها قال الفاكهاني: وسبقه إلى معناه ابن هبيرة هو فيما يظهر لي أنه على حذف مضاف، والتقدير كنت حافظ سمعه الذي يسمع به فلا يسمع إلا ما يحل استماعه وحافظ بصره كذلك الخ. سادسها يحتمل معنى آخر أدق من هذا الذي قبله، وهو أن يكون سمعه بمعنى مسموعه، لأن المصدر قد جاء بمعنى المفعول مثل فلان أملي بمعنى مأمولي، والمعنى أنه لا يسمع إلا ذكرى ولا يتلذ إلا بتلاوة كتابي ولا يأنس إلا بمناجاتي ولا ينظر إلا في عجائب ملكوتي ولا يمد يده إلا فيما فيه رضاي ورجله كذلك. وقال الطوفي: اتفق العلماء ممن يعتد بقوله إن هذا مجاز وكناية عن نصرة العبد وتأييده وعنايته حتى كأنه سبحانه ينزل نفسه من عبده منزلة الآلات التي يستعين بها، وقع في رواية فبي يسمع وبي يبصر وبي يبطش وبي يمشي. وقال الخطابي: هذه أمثال والمعنى توفيق الله لعبده في الأعمال التي يباشرها بهذه الأعضاء وتيسير المحبة له فيها، بأن يحفظ جوارحه عليه ويعصمه عن مواقعة ما يكره الله من الإصغاء إلى اللهو بسمعه، ومن النظر إلى ما نهى الله عنه ببصره ومن البطش فيما لا يحل له بيده، ومن السعي إلى الباطل برجله، وإلى هذا نحى الداودي حيث قال: هذا كله من المجاز يعني أنه يحفظه كما يحفظ العبد جوارحه لئلا يقع في مهلكة ومثله قال الكلاباذي وعبر بقوله أحفظه فلا يتصرف إلا في محابي لأنه إذا أحبه كره له أن يتصرف فيما يكرهه منه. وقال التوربشتي: معناه اجعل سلطان حبي غالباً عليه حتى يسلب عنه الاهتمام بشي غير ما يقربه إلى فيصير منخلعاً عن الشهوات ذاهلاً عن الحظوظ واللذات، حيثما تقلب وأينما توجه لقي الله تعالى بمرأى منه ومسمع لا تطور حول حاله الغفلة، ولا يحول دون شهوده الحجبة. ولا يعتري ذكره النسيان، ولا يخطر بباله الأحداث والأعيان يأخذ بمجامع قلبه. حب الله فلا يرى إلا ما يحبه ولا يسمع إلا ما يحبه ولا يفعل إلا ما يحبه ويكون الله سبحانه في ذلك له يداً ومؤيداً وعوناً وكيلاً يحمي سمعه وبصره ويده ورجله عما لا يرضاه، وحقيقة هذا القول ارتهان كلية العبد بمراضي الله وحسن رعاية الله له، وذلك على سبيل الاتساع وهو شائع في كلام العرب إذا أرادوا اختصاص الشيء بنوع من الخصوصية والاهتمام به والعناية والاستغراق فيه والوله إليه. سابعها قاله الخطابي أيضاً: قد يكون عبر بذلك عن سرعة إجابة الدعاء والنجح في الطلب وذلك إن مساعي الإنسان كلها إنما تكون بهذه الجوارح المذكورة. وقال بعضهم: وهو منتزع مما تقدم لا يتحرك له جارحة إلا في الله. ولله فهي كلها تعمل بالحق للحق، وأسند البيهقي في الزهد عن أبي عثمان الجيزي أحد أئمة الطريق قال معناه كنت أسرع إلى قضاء حوائجه من سمعه في الاستماع وعينه في النظر ويده في اللمس ورجله في المشي. قيل: وزعم الاتحادية أنه على حقيقته وإن الحق عين العبد

<<  <  ج: ص:  >  >>