للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

..............................................................................................

ــ

منامه ويقظته وظعنه وإقامته، وأنزل إليه وعليه كتبه، وأرسله وأرسل إليه، وخاطبه وكلمه منه إليه، واتخذ منهم الخليل والكليم والأولياء والخواص والأحبار، وجعلهم معدن أسراره ومحل حكمته وموضع حبه، وخلق لهم الجنة والنار، فالخلق والأمر والثواب والعقاب مداره على النوع الإنساني، فإنه خلاصة الخلق وهو المقصود بالأمر والنهي، وعليه الثواب والعقاب، فللإنسان شأن ليس لسائر المخلوقات، وقد خلق أباه بيده ونفخ من روحه وأسجد له ملائكته وعلمه أسماء كل شيء وأظهر فضله على الملائكة، فمن دونهم من جميع المخلوقات وطرد إبليس عن قربه وأبعده عن بابه إذ لم يسجد له مع الساجدين، واتخذه عدوًا له فالمؤمنون من نوع الإنسان خير البرية على الإطلاق وخيرية الله على العالمين فإنه خلقه ليتم نعمته عليه وليتواتر إحسانه إليه، وليخصه من كرامته وفضله بما لم تنله أمنيته ولم يخطر على باله، ولم يشعر به ليسأله من المواهب والعطايا الباطنة والظاهرة العاجلة والآجلة التي لا تنال إلا بمحبته ولا تنال محبته إلا بطاعته وإيثاره على ما سواه، فاتخذه محبوبًا له وأعدله أفضل ما يعده محب غنى قادر جواد لمحبوبه، إذ أقدم عليه وعهد إليه عهداً يقدم إليه فيه بأوامره ونواهيه وأعلمه في عهده ما يقربه إليه ويزيده محبة له وكرامة عليه، وما يبعده منه ويسخطه عليه، ويسقطه من عينه، وللمحبوب عدو هو أبغض خلق خلقه إليه قد جاهره بالعداوة، وأمر عباده أن يكون دينهم وطاعتهم وعبادتهم له دون وليهم ومعبودهم الحق، واستقطع عباده واتخذ منهم حزبًا ظاهروه ووالوه على ربهم، وكانوا أعداء له مع هذا العدو، يدعون إلى سخطه ويطعنون في ربوبيته وإلهيته ووحدانيته ويسبونه ويكذبونه ويفتنون أولياءه ويؤذونهم بأنواع الأذى، ويجهدون على إعدامهم من الوجود وإقامة الدالة لهم ومحو كل ما يحبه الله ويرضاه وتبديله بكل ما يسخطه ويكرهه، فعرفه بهذا العدو وطرائقهم وأعمالهم وما لهم، وحذره موالاتهم والدخول في زمرتهم، والكون معهم، وأخبره في عهده أنه أجود الأجودين، وأكرم الأكرمين، وأرحم الراحمين. وأنه: سبقت رحمته غضبه وحلمه عقوبته وعفوه مؤاخذته، وإنه قد أفاض على خلقه النعمة وكتب على نفسه الرحمة، وإنه يحب الإحسان والجود والعطاء والبر، وإن الفضل كله بيده والخير كله منه، والجود كله له، وأحب ما إليه أن يجود على عباده ويوسعهم فضلاً ويغمرهم إحسانًا وجود، أو يتم عليهم نعمه، ويضاعف لديهم مننه ويتعرف، إليهم بأوصافه وأسماءه، ويتحبب إليهم بنعمه وآلاءه فهو الجواد لذاته، وجود كل جواد خلقه الله ويخلقه أبدًا أقل من ذرة بالقياس إلى جوده، فليس الجواد على الإطلاق إلا هو، وجود كل جواد فمن جوده ومحبته للجود والإعطاء والإحسان والبر والإنعام والأفضال فوق ما يخطر ببال الخلق، أو يدور في أوهامهم وفرحه بعطائه وجوده وأفضاله أشد من فرح الآخذ بما يعطاه أو يأخذ أحوج ما هو إليه وأعظم ما كان قدرًا فإذا اجتمع شدة الحاجة وعظم قدر العطية والنفع بها فما الظن بفرح المعطي؟ ففرح المعطي سبحانه بعطائه أشد وأعظم من فرح هذا بما

<<  <  ج: ص:  >  >>