للمؤمن، وهداية مفصلة، وهي هداية إلى معرفة تفاصيل أجزاء الإيمان والإسلام وإعانته على فعل ذلك، وهذا يحتاج إليه كل مؤمن ليلاً ونهاراً، ولهذا أمر الله عباده أن يقرؤوا في كل ركعة من صلاتهم قوله:{اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ}(فاستهدوني) أي ساوني الهدى وأطلبوه مني (أهدكم) أوفقكم للهداية (يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته) قال العلقمي: وذلك لأن الناس عبيد لا يملكون شيئاً وخزائن الرزق بيد الله عز وجل فمن لا يطعمه بفضله بقى جائعاً بعد له إذ ليس عليه إطعام أحد. فإن قلت: كيف هذا مع قوله تعالى: {وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلَاّ عَلَى اللهِ رِزْقُهَا}(هود: ٦) قلت: هذا التزام منه تفضلاً، لا أن للدابة حقاً بالأصالة. فإن قلت كيف ينسب الإطعام إلى الله تعالى؟ ونحن نشاهد الأرزاق مرتبة على هذه الأسباب الظاهرة من الحرف والصناعات وأنواع للاكتساب. قلت: هو القدر لتلك الأسباب الظاهرة بقدرته وحكمته الباطنة، فالجاهل محجوب بالظاهر، عن الباطن، والعارف محجوب بالباطن عن الظاهر، قال والعالم جماده وحيوانه مطيع لله عز وجل طاعة العبد لسيده، فكما أن السيد يقول لعبده أعط فلانًا كذا، وأهد لفلان كذا، وتصدق على هذا الفقير بكذا، كذلك الله عز وجل يسخر السحاب فيسقي أرض فلان أو البلد الفلاني ويحرك قلب فلان لإعطاء فلان، ويوجه فلان إلى فلان بوجه من الوجوه لينال منه نفعاً ونحو ذلك - انتهى. وقال القاري: إلا من أطعمته أي من أطعمته وبسطت عليه الرزق وأغنيته فلا يشكل أن الإطعام عام للجميع فكيف يستثني (فاستطعموني) أي اطلبوا الطعام وتيسير القوت مني (أطعمكم) أي أيسر لكم أسباب تحصيله (كلكم عار إلا من كسوته فاستكسوني) أي أطلبوا مني الكسوة (أكسُكم) بضم السين أي أيسر لكم ستر عوراتكم وأزيل عنكم مساوي كشف سوءاتكم. قال الطيبي: فإن قلت ما معنى الاستثناء في قوله إلا من أطعمته وكسوته إذ ليس أحد من الناس محروم منهما. قلت: الإطعام والكسوة لما كانا معبرين عن النفع التام والبسط في الرزق وعدمهما عن التقتير والتضييق كما قال الله تعالى: {اللهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقَدِرُ}(الرعد: ٢٦) سهل التقصى عن الجواب، من هذا أن ليس المراد من إثبات الجوع والعرى في المستثنى منه، نفي الشبع والكسوة بالكلية، وليس في المستثنى إثبات الشبع والكسوة مطلقاً، بل المراد بسطهما وتكثيرهما وبوضع الحديث الرابع عشر من الفصل الثاني أنه وضع قوله:((وكلكم فقراء إلا من أغنيته)) في موضوعه - انتهى. (يا عبادي أنكم تُخطِئون) بضم أوله وكسر ثالثه من أخطأ، وبفتحهما من خطئ يخطأ خطأ أي أذنب فهو خطئ قال النووي: الرواية المشهورة بضم التاء، وروى بفتحها وفتح الطاء يقال خطأ يخطأ إذا فعل ما يأثم به فهو خطئ، ومنه قوله تعالى {اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ}(يوسف: ٩٧) ويقال في الإثم أيضاً أخطأ فهما صحيحان