للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ. يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوا ضَرِّي فَتَضُرُّونِي، وَلَنْ تَبْلُغُوا نَفْعِي فَتَنْفَعُونِي. يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا زَادَ ذَلِكَ فِي مُلْكِي شَيْئًا. يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئًا.

ــ

(بالليل والنهار) أي وخطيئة كل بحسب مقامه (وأنا أغفر الذنوب جميعاً) أي بالتوبة أو ما عدا الشرك إن شاء وهي كقوله: {إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً} (الزمر: ٥٣) (فاستغفروني) أي أطلبوا مني المغفرة (إنكم لن تبلغوا ضري) بفتح الضاد وضمه (فتضروني) حذف. نون الإعراب منه في نصبه بأن المضمرة في جواب النفي وكذا قوله (فتنفعوني) يعني أن العباد لا يقدرون أن يوصلوا إلى الله نفعاً ولا ضراً، فإن الله تعالى في نفسه غني حميد لا حاجة له بطاعات العباد ولا يعود نفعها إليه. وإنما هم ينتفعون بها ولا يتضرر بمعاصيهم وإنما هم يتضررون بها قال الله تعالى {وَلَا يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَن يَضُرُّواْ اللهَ شَيْئاً} (آل عمران: ١٧٦) وقال حاكياً عن موسى وقال موسى: {إِن تَكْفُرُواْ أَنتُمْ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعاً فَإِنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ} (إبراهيم: ٨) . قال القاري: أي: لا يصح منكم ضري ولا نفعي فإنكم لو اجتمعتم على عبادتي أقصى ما يمكن ما نفعتموني في ملكي، ولو اجتمعتم على عصياني أقصى ما يمكن لم تضروني بل {إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} (الإسراء: ٧) وهذا معنى قوله: (لو أن أولكم) أي: من الموجودين (وآخركم) ممن سيوجد. وقال ابن المالك: أي: من الأموات والأحياء والمراد جميعكم (وإنسكم وجنكم) أي: وملائكتكم تعميم بعد تعميم للتأكيد أو تفصيل وتبيين (كانوا على أتقى رجل قلب منكم) أي: لو كنتم على غاية التقوى بأن تكونوا جميعاً على تقوى أتقى قلب رجل واحد منكم. وقال القاضي: أي على أتقى أحوال قلب رجل، أي كان كل واحد منكم على هذه الصفة كذا في المرقاة. وقال الشيخ الدهلوي في ترجمته: ((باشند بر برهيزكار ترين دل يك مرداز شما، يعني أكر فرض كرده شود دل يك كسى از شماكه متقي ترين دلها باشد وشماهمه برين صفت باشيد)) (ما زاد ذلك) أي: ما ذكر (في ملكي شيئًا) إما مفعول به أو مصدر، وهذا راجع إلى لن تبغلوا نفعي فتنفعوني نشرًا مشوشًا اعتمادًا على فهم السامع (كانوا على أفجر) أي: فجورًا فجرًا وأفجر أحوال (قلب رجل واحد منكم) وقال الشيخ الدهلوي في ترجمته: ((باشند برب فرماني كنده وكناه كننده ترين دل يك مرداز شما)) (ما نقص) بالتخفيف (ذلك) أي ما ذكر (من ملكي شيئًا) قال الطيبي: يجوز أن يكون مفعولاً به إن قلنا إن نقص متعد، ومفعولاً مطلقًا إن قلنا أنه لازم أي نقص نقصانًا قليلاً، والتنكير فيه للتحقير بدليل قوله في الحديث الآتي بدله جناح بعوضة، وهذا راجع إلى قوله

<<  <  ج: ص:  >  >>