للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يَا عِبَادِي إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا عَلَيْكُمْ ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدْ اللَّهَ وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ. رواه مسلم.

ــ

كن فيكون، فكيف يتصور أن ينقص هذا، وكذلك إذا أراد أن يخلق شيئًا قال له: كن فيكون (إنما هي) أي القصة (أعمالكم أحصيها) أي أحفظها وأكتبها (عليكم) قال القاري: كذا في الأصول المعتمدة يعني من المشكاة بلفظ: عليكم وهو المناسب للمقام. ووقع في أصل ابن حجر لكم. وقال وفي نسخة عليكم. قلت: والذي في صحيح مسلم لكم، وهكذا وقع في جامع الأصول (ج١١: ص٣٤٩) وفي شرح الأربعين النووية لابن رجب وفي الجامع الصغير للسيوطي، والترغيب للمنذري فهو المعتمد. قال القاري: وقال الطيبي: قوله: أعمالكم أي جزاء أعمالكم تفسير للضمير المهم. وقيل: هو راجع إلى ما يفهم من قوله: (على أتقى قلب رجل، وعلى أفجر قلب رجل) وهو الأعمال الصالحة والطالحة يعني أنه سبحانه يحصي أعمال عباده ثم يوفيهم إياها بالجزاء عليها (ثم أوفيكم إياها) بتشديد الفاء من التوفية، وهي إعطاء الحق على التمام أي أعطيكم جزاء أعمالكم يوم القيامة وافيًا تامًا إن خيرًا فخير وإن شر فشر، وهذا كقوله تعالى: {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ} (الزلزلة: ٧، ٨) وقوله: {وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً} (الكهف: ٤٩) وقوله: {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوَءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً} وقوله: {يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ} (فمن وجد خيرًا) أي: توفيق خير من ربه وعمل خير من نفسه (فليحمد الله) أي: على توفيقه إياه للخير لأنه الهادي (ومن وجد غير ذلك) أي: شرًا ولم يصرح به تحقيرًا له وتنفيرًا عنه (فلا يلومن إلا نفسه) لأنه صدر من نفسه أو لأنه باق على ضلاله الذي أشير إليه بقوله كلكم ضال قاله القاري. وقال العلقمي: إن الطاعات التي يترتب عليها الثواب والخير بتوفيق الله عز وجل فيجب حمده على التوفيق والمعاصي التي يترتب عليها العقاب والشر، وإن كانت بقدر الله وخذلانه العبد فهي كسب للعبد فليلُم نفسه لتفريطه بالكسب القبيح. وقال ابن رجب: قوله: ((ثم أوفيكم إياها)) الظاهر إن المراد توفيتها يوم القيامة كما قال تعالى: {وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} ويحتمل أن المراد يوفي عباده جزاء أعمالهم في الدنيا والآخرة. ثم بسط شرح قوله: ((فمن وجد خيرًا)) إلخ. على هذين الاحتمالين من أحب الوقوف عليه رجع إلى شرحه للأربعين النووية (رواه مسلم) في البر والصلة من رواية سعيد بن عبد العزيز عن ربيعة بن يزيد عن أبي إدريس الخولاني عن أبي ذر، وفي آخره قال سعيد بن عبد العزيز: كان أبو إدريس الخولاني إذا حدث بهذا الحديث جثا على ركبتيه، وأخرجه مسلم أيضًا من رواية قتادة عن أبي قلابة عن أبي أسماء عن أبي ذر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما يروى عن ربه عز وجل: إني حرمت على نفسي الظلم وعلى عبادي فلا تظالموا. قال مسلم

<<  <  ج: ص:  >  >>