للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: إيت قَرْيَةَ كذا وكذا، فأدركه الموت فناء بصدره نحوها، فَاخْتَصَمَتْ فِيهِ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ وَمَلَائِكَةُ الْعَذَابِ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى هَذِهِ أَنْ تَقَرَّبِي وَإِلَى هَذِهِ

ــ

الناس ليدلوه على من يأتي إليه فيسأله عن قبول توبته (فقال له رجل) عالم بعد أن سأله فقال: إني قتلت مائة إنسان فهل لي من توبة، فقال: نعم ومن يحول بينك وبين التوبة. ففي رواية هشام: فسأل عن أعلم أهل الأرض، فدل على رجل عالم فقال إنه قتل مائة نفس فهل له من توبة، فقال: نعم ومن يحول بينه وبين التوبة، (إئت قرية كذا) باسمها (وكذا) بوصفها أي القرية الفلانية التي أهلها صلحاء وتب إلى الله واعبده معهم فقصد تلك القرية. وفي رواية هشام: انطلق إلى أرض كذا وكذا، فإن بها أناسًا يعبدون الله تعالى فاعبد الله تعالى معهم، ولا ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوء فانطلق حتى إذا نصف الطريق (أي بلغ نصفها) أتاه الموت. واسم هذه القرية نصرة وأما القرية المأتي منها فاسمها كفرة كما عند الطبراني بإسناد جيد من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص. قال النووي: قوله انطلق إلى أرض كذا وكذا إلخ، فيه استحباب مفارقة التائب المواضع التي أصاب بها الذنوب والأخدان المساعدين على ذلك ومقاطعتهم ما داموا على حالهم، وأن يستبدل بهم صحبة أهل الخير والصلاح والعلماء والمتعبدين الورعين، ومن يقتدي بهم وينتفع بصحبتهم ويتأكد بذلك توبته (فأدركه الموت) أي إماراته وسكراته فالفاء عطف على محذوف أي فقصدها وسار نحوها وقرب من وسط طريقها فأدركه الموت (فناء) بنون ومد وبعد الألف همزة أي نهض ومال (بصدره نحوها) أي إلى ناحية القرية التي توجه إليها للتوبة والعباد، أي ثم مات. قال الحافظ: هذا هو المعروف في هذا الحديث وحكى بعضهم فيه فنأى بغير مد قبل الهمزة وبإشباعها بوزن سعى، وتقول نأى ينأى نأيًا أي بعد، وعلى هذا فالمعنى فبعد بصدره عن الأرض التي خرج منها ووقع في رواية هشام ما يشعر بأن قوله فناء بصدره إدراج فإنه قال في آخر الحديث. قال قتادة: (راوي الحديث عن أبي الصديق الناجي عن أبي سعيد) قال الحسن: ذكر لنا أنه لما أتاه الموت نأى بصدره (فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب) زاد في رواية هشام: فقالت ملائكة الرحمة: جاء تائبًا مقبلاً بقلبه إلى الله. وقالت ملائكة العذاب: إنه لم يعمل خيرًا قط فأتاهم ملك في صورة آدمي فجعلوه بينهم فقال: قيسوا ما بين الأرضين فإلى أيتهما كان أدنى فهو له. قال النووي: قياس الملائكة ما بين القريتين وحكم الملك الذي جعلوه بينهم محمول على أن الله تعالى أمرهم عند اشتباه أمره عليهم واختلافهم فيه أن يحكموا رجلاً ممن يمر بهم فمر الملك في صورة رجل فحكم بذلك (فأوحى الله إلى هذه) أي إلى القرية التي توجه إليها وقصدها للتوبة وهي نصرة (أن تقربي) أي من الميت بفتح التاء وتشديد الراء وكلمة أن تفسيرية لما في الوحي من معنى القول: (وإلى هذه) أي إلى القرية التي خرج منها وهي كفرة، وقوله: ((إلى هذه)) كذا في جميع نسخ المشكاة. ووقع في البخاري وأوحى إلى هذه أي بزيادة وحى قبل

<<  <  ج: ص:  >  >>