للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٣٥١- (٦) وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللَّهُ بِكُمْ وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ فَيَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ فَيَغْفِرُ لَهُمْ. رواه مسلم.

٢٣٥٢- (٧) وَعَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ

ــ

الهيثمي في مجمع الزوائد (ج١٠: ص٢١١، ٢١٢) ، والمنذري في الترغيب.

٢٣٥١- قوله: (لو لم تذنبوا) أي أيها المكلفون أو أيها المؤمنون (لذهب الله بكم) الباء للتعدية كما في قوله (ولجاء بقوم) أي لأذهبكم وأفناكم وأظهر قومًا آخرين من جنسكم أو من غيركم (يذنبون) أي يمكن وقوع الذنب منهم ويقع بالفعل عن بعضهم (فيستغفرون الله) أي فيتوبون أو يطلبون المغفرة مطلقًا (فيغفر لهم) لاقتضاء صفة الغفار، والغفور ذلك، ولذا قال الله تعالى: {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً} (نوح: ١٠) ولاستلزام هذه الصفة الإلهية وجود المعصية في الأفراد البشرية، والمعنى لو كنتم معصومين كالملائكة لذهب بكم، وجاء بممن يأتي منهم الذنوب لئلا يتعطل صفات الغفران والعفو، فلا تجرئة فيه على الانهماك في الذنوب. قال التوربشتي:لم يرد هذا الحديث مورد تسلية المنهمكين في الذنوب وتوهين أمرها على النفوس وقلة الاحتفال منهم بمواقعتها على ما يتوهمه أهل الغرة بالله، فإن الأنبياء صلوات الله عليهم إنما بعثوا ليردعوا الناس عن غشيان الذنوب واسترسال نفوسهم فيها، بل ورد مورد البيان لعفوا الله عن المذنبين وحسن التجاوز عنهم، ليعظموا الرغبة في التوبة والاستغفار، والمعنى المراد من الحديث هو إن الله تعالى كما أحب أن يحسن إلى المحسن أحب أن يتجاوز عن المسيء، وقد دل على ذلك غير واحد من أسماءه الغفار الحليم التواب العفو، فلم يكن ليجعل العباد شأنًا واحدًا كالملائكة مجبولين على التنزه من الذنوب، بل يخلق فيهم من يكون بطبعه ميالاً إلى الهوى مفتتنًا ومتلبسًا بما يقتضيه، ثم يكلفه التوقي عنه ويحذره عن مداناته ويعرفه التوبة بعد الابتلاء، فإن وفى فأجره على الله وإن اخطأ الطريق فالتوبة بين يديه، فأراد النبي - صلى الله عليه وسلم -: إنكم لو كنتم مجبولين على ما جبلت عليه الملائكة لجاء الله بقوم يتأتى منهم الذنب، فيتجلى عليهم بتلك الصفات على مقتضى الحكمة، فإن الغفار يستدعي مغفورًا كما أن الرزاق يستدعي مرزوقًا - انتهى. وقد تقدم نحو هذا الكلام لابن القيم فتذكر. (رواه مسلم) في التوبة، وأخرجه أيضًا أحمد (ج٢: ص٣٠٩) ، والحاكم (ج٤: ص٢٤٦) ، وفي الباب عن أبي أيوب عند أحمد، ومسلم، والترمذي وعن عبد الله ابن عمرو عند الحاكم (ج٢: ص٢٤٦) .

٢٣٥٢- قوله: (إن الله يبسط يده) قيل: بسط اليد عبارة عن الطلب لأن عادة الناس إذا طلب أحدهم شيئًا من أحدهم بسط إليه كفه، والمعنى يدعو المذنبين إلى التوبة (بالليل ليتوب مسيء النهار) أي لا يعاجلهم

<<  <  ج: ص:  >  >>