للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ} . رواه الترمذي، وابن ماجة.

٢٣٦٩- (٢٤) وَعَن مُعَاوِيَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ حَتَّى تَنْقَطِعَ التَّوْبَةُ

ــ

يعني إن باب التوبة مفتوح على الناس وهم في فسحة وسعة عنها ما لم تطلع الشمس من مغربها، فإذا طلعت سد عليهم فلم يقبل منهم إيمان ولا توبة، لأنهم إذا عاينوا ذلك واضطروا إلى الإيمان والتوبة فلا ينفعهم ذلك كما لا ينفع المحتضر، ولما كان سد الباب من قبل المغرب جعل فتح الباب من قبله أيضًا. وقال التوربشتي: المراد منه والله أعلم إن أمر قبول التوبة هين، والناس عنه في فسحة وسعة ما لم تطلع الشمس من مغربها، فإن بابًا ينتهي عرضه إلى مسيرة سبعين عامًا لا يكاد يتضايق عن الناس إلا أن يغلق وإغلاقه بطلوع الشمس من مغربها (وذلك) أي: طلوع الشمس من مغربها المانع من قبول التوبة (قول الله عز وجل) أي: معنى قوله: {يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ} أي: بعض علاماته الدالة على الساعة أو بعض علامات يظهرها ربك إذا قربت القيامة وهو طلوع الشمس من مغربها {لَا يَنفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا} أي: حينئذ حال كونها {لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ} أي: من قبل إتيان بعض آياته وهو الطلوع المذكور وتتمة الآية {أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً} عطفًا على آمنت أي أو لم تكن النفس كسبت في حال إيمانها توبة من قبل، وبهذا التقرير تظهر المناسبة التامة بين الحديث والآية، ويكون معاينة طلوع الشمس نظير معاينة حضور الموت في عدم نفع الإيمان والتوبة عند حصول كل منهما. قاله القاري. وقال الطيبي: الوجه أن يحمل على اللف التقديري بأن يقال لا ينفع نفسًا إيمانها حينئذٍ أو كسبها في إيمانها خيرًا حينئذٍ لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرًا من قبل والإيجاز من حلية التنزيل - انتهى. رواه الترمذي في الدعوات، وصححه. وابن ماجة في الفتن، واللفظ للترمذي رواه في حديث. وفيه قال زر: يعني ابن حبيش فما برح يعني صفوان يحدثني حتى حدثني إن الله تعالى جعل بالمغرب بابًا. إلخ. قال المنذري: وليس في هذه الرواية تصريح برفعه كما صرح البيهقي وإسناده صحيح - انتهى ولفظ ابن ماجة عن زر عن صفوان، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن من قبل مغرب الشمس بابًا مفتوحًا عرضه سبعون سنة فلا يزال ذلك الباب مفتوحًا للتوبة حتى تطلع الشمس من نحوه، فإذا طلعت من نحوه لم ينفع نفسًا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرًا. والحديث أخرجه أيضًا أحمد (ج٤: ص٢٤٠، ٢٤١) ، والبخاري في تأريخه (٢/٢/٣٠٦) ، والطبراني في الكبير، وعبد الرزاق، وابن حبان في صحيحه، والبيهقي وغيرهم بألفاظ.

٢٣٦٩- قوله: (لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة) فيه دليل على أن الهجرة لم تنقطع، وحديث ابن

<<  <  ج: ص:  >  >>