٢٣٧٣- (٢٨) وعَنْ أَبِي ذر، قال: قال رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَقُولُ الله تعالى: يا عبادي كلكم ضال إلا من هديت، فاسئلوني الهدى أهدكم. وكلكم فقراء إلا من أغنيت، فاسئلوني أرزقكم. وكلكم مذنب إلا من عافيت،
ــ
البيت صار حديثًا لنطقه - صلى الله عليه وسلم - بلفظه والمنفي عنه - صلى الله عليه وسلم - في قوله:{وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنبَغِي لَهُ}(يس: ٦٩) هو إنشاء الشعر لا إنشاده والتمثل به وهو الصحيح أي من شأنك غفران الذنوب الكبيرة الكثيرة فضلاً عن الصغائر، لأنها لا يخلوا عنها أحد، وإنها مكفرة بالحسنات. وقال الطيبي: أي: من شأنك اللهم أن تغفر غفرانًا كثيرًا للذنوب العظيمة. وأما الجرائم الصغيرة فلا تنسب إليك لأنها لا يخلو عنها أحد وإنها مكفرة باجتناب الكبائر وإن ليس للشك بل للتعليل كما تقول للسلطان إن كنت سلطانًا فأعط الجزيل. والمعنى لأجل إنك غفار غفر جمًا - انتهى. (رواه الترمذي) في تفسير سورة النجم، وذكره الشوكاني في فتح القدير وزاد في نسبة سعيد بن منصور، والبزار، وابن جرير، وابن المنذري، وابن أبي حاتم، والحاكم (ج٢: ص٤٦٩) ، وابن مردويه، والبيهقي في الشعب (وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب) وقال: لا نعرفه إلا من حديث زكريا بن إسحاق أي: عن عمرو بن دينار عن عطاء بن يسار عن ابن عباس ومن هذا الطريق رواه الحاكم وقال صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي.
٢٣٧٣- قوله:(كلكم ضال إلا من هديت) أي: كلكم عار من الهداية ليس له هداية من ذاته بل هي من عناية ربه ولطفه وهذا لا ينافي حديث كل مولود يولد على الفطرة بمعنى أنه يولد خاليًا عن دواعي الضلالة وفيه أن العبد محتاج إلى الله تعالى في كل شيء وأن أحدًا لا يغني أحدًا شيئًا من دونه فحقه أن يتبتل إليه بشر أشره (فاسألوني) وفي بعض النسخ فسلوني، وهكذا وقع عند أحمد (ج٥: ص١٧٧) ، والترمذي، وابن ماجة، وكذا نقله الجزري في جامع الأصول (الهدى) أي: اطلبوا الهداية مني لا من غيري (كلكم فقراء) كذا في جميع النسخ الحاضرة، وفي مسند الإمام أحمد، والترمذي، وابن ماجة: وكلكم فقير. وهكذا نقله الجزري (إلا من أغنيت) وهو أيضًا لا يستغني عنه لمحة لاحتياجه إلى الإيجاد والإمداد كل لحظة. قال الله تعالى:{وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنتُمُ الْفُقَرَاء}(محمد: ٣٨)(فاسألوني) وفي الترمذي فسلوني، وهكذا في جامع الأصول والمسند وابن ماجة (وكلكم مذنب) أي يتصور منه الذنب (إلا من عافيت) أي: من الأنبياء والأولياء أي وعصمت وحفظت، وهو يدل على أن العافية هي السلامة من الذنوب وهي أكمل أفرادها، وإنما قال: عافيت تنبيهًا على أن الذنب مرض ذاتي