لأهله. - وفي رواية - أسرف رجل على نفسه، فلما حضره الموت أوصى بنيه: إذا مات فحرقوه، ثم أذروا
ــ
الموت خاف تفريطه فأمر أهله أن يحرقوه - انتهى. قلت: وقع في رواية أحمد (ج٢: ص٣٠٤) كان رجل ممن كان قبلكم لم يعمل خيرًا قط إلا التوحيد، وهكذا وقع استثناء التوحيد في حديث ابن مسعود أيضًا عن أحمد (ج١: ص٣٩٨) ورواية الباب وإن لم يذكر فيها هذا الاستثناء صريحًا لكنها كالصريح في ذكره لإطباق الروايات على ذكر خشيته وخوفه من عذابه وغفرانه تعالى (لأهله) متعلق بقال (وفي رواية أسرف رجل على نفسه) أي بالغ في فعل المعاصي، وهذا لفظ مسلم وللبخاري كان رجل يسرف على نفسه، وفي حديث حذيفة عند البخاري إنه كان يسيء الظن بعمله. وفي حديث أبي سعيد عند الشيخين فإنه لم يبتئر عن الله خيرًا فسرها قتادة لم يدخر، ووقع في آخر حديث حذيفة عند البخاري. قال عقبة بن عمرو. أبو مسعود) وأنا سمعته (يعني النبي - صلى الله عليه وسلم -) يقول ذلك وكان نباشًا (أي للقبور يسرق أكفان الموتى) قال الحافظ: قوله: ((وكان نباشًا هو من رواية حذيفة وأبي مسعود معا كما يدل عليه رواية ابن حبان. ووقع في رواية للطبراني بلفظ: بينهما حذيفة وأبو مسعود جالسين. فقال أحدهما: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((إن رجلاً من بني إسرائيل كان ينبش القبور)) ، فذكره (فلما حضره الموت) فيه تسمية الشيء بما قرب منه لأن الذي حضره في تلك الحالة علامات الموت لا الموت نفسه (أوصى بنيه) هذا لفظ مسلم، وللبخاري فلما حضره الموت قال لبنيه، وفي الحديث أبي سعيد عند البخاري فلما حُضر قال لبنيه: أي أب كنت لكم؟ قالوا: خير أب قال إلخ. (إذا مات فحرقوه) بصيغة الأمر من التحريق، وهذا عند مسلم وللبخاري فأحرقوه أي من الإحراق، ومقتضى السياق أن يقول إذا مت فحرقوني لكنه على طريق الالتفات. قال الطيبي: قوله: ((إذا مات إلخ)) مقول قال: على الرواية الأولى ومعمول أوصى على الرواية الأخرى فقد تنازعا فيه في عبارة الكتاب - انتهى. قلت: قوله: وفي رواية إلى قوله: أوصي بنيه جملة معترضة وقوله: إذا مات إلخ إنما هو مقول، قال في الرواية الأولى: كما يدل عليه سياق الحديث عند البخاري في التوحيد ومسلم في التوبة. وأما سياق الرواية الثانية فعند البخاري في ذكر بني إسرائيل فلما حضره الموت قال لبنيه: إذا أنا مت فاحرقوني إلخ. وعند مسلم فلما حضره الموت أوصى بنيه فقال: إذا أنا مت فاحرقوني إلخ (ثم اذروا) يجوز فيه وصل الهمزة وقطعها من الثلاثي المجرد والمزيد يقال: ذرت الريح التراب وغيره تذروه ذروًا وذريًا وذرته، أطارته وسفته وأذهبته وفرقته بهبوبها. قال الحافظ: بهمز قطع وسكون المعجمة من أذرت العين دمعها وأذريت الرجل عن الفرس وبالوصل من ذروت الشيء ومنه تذروه الرياح. وفي رواية ثم اطحنوني ثم ذروني بضم المعجمة وتشديد الراء من الذر أي: فرقوني. وفي حديث حذيفة عند البخاري في