للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

أترون هذه طارحة ولدها في النار؟ فقلنا: لا، وهي تقدر على أن لا تطرحه. فقال: لله أرحم بعباده من هذه بولدها. متفق عليه.

٢٣٩٤- (٨) وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لن ينجي

ــ

في ثديها فكانت إذا وجدت صبيًا أرضعته ليخف عنها، فلما وجدت صبيها بعينه أخذته فالتزمته والصقته ببطنها من فرحها بوجدانه وغاية مجتهاله. (أترون) بضم الفوقية أي تظنون (هذه) أي: المرأة (طارحة) أي: ملقية (فقلنا) كذا في جميع النسخ، والذي في الصحيحين قلنا أي: بدون الفاء (لا) أي: لا نظن إنها طارحة. وقال القسطلاني: أي لا تطرحه. (وهي تقدر على أن لا تطرحه) أي: لا تطرحه طائعة أبدًا. وقال القاري: الواو للحال، وفائدة هذا الحال إنها إن اضطرت، يمكن طرحها والله منزه عن الاضطرار، فلا يطرح عبده في النار البتة، (لله) بفتح أوله لام تأكيد، وصرح بالقسم في رواية الإسماعيلي فقال: والله لله أرحم إلى آخره، (بعباده) أي المؤمنين أو مطلقًا (من هذه) المرأة (بولدها) هذا. قال الحافظ: كأن المراد بالعباد هنا من مات على الإسلام، ويؤيده ما أخرجه أحمد، والحاكم (والبزار ورجالهم رجال الصحيح) من حديث أنس قال: مر النبي - صلى الله عليه وسلم - في نفر من الصحابة وصبي على الطريق، فلما رأت أمه القوم خشيت على ولدها أو يوطأ فأقبلت تسعى، وتقول: ابني ابني وسعت فأخذته، فقال القوم يا رسول الله ما كانت هذه لتلقي ابنها في النار، فقال: ولا الله بطارح حبيبه في النار، فالتعبير بحبيبه يخرج الكافر، وكذا من شاء إدخاله ممن لم يتب من مرتكبي الكبائر. وقال الشيخ أبو محمد بن أبي جمرة: لفظ العباد عام، ومعناه خاص بالمؤمنين وهو كقوله تعالى: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ} (الأعراف: ١٥٦) فهي عامة من جهة الصلاحية، وخاصة بمن كتبت له. ثم ذكر ابن أبي جمرة احتمال تعميمه حتى في الحيوانات ورجحه العيني حيث قال، والظاهر إنها على العموم لمن سبق له. منها نصيب من أي العباد كان حتى الحيوانات على ما ورد في حديث أبي هريرة وأنزل في الأرض جزءًا واحدًا، فمن ذلك الجزء يتراحم الخلق - انتهى. قال ابن أبي جمرة: وفيه إشارة إلى أنه ينبغي للمرء أن يجعل تعلقه في جميع أموره بالله وحده وإن كل من فرض إن فيه رحمة ما يقصد لأجلها فالله سبحانه وتعالى أرحم منه فليقصد العاقل لحاجته من هو أشد له رحمة. قال: وفي الحديث ضرب المثل بما يدرك بالحواس لما لا يدرك بها لتحصيل معرفة الشيء على وجهه وإن كان الذي ضرب له المثل لا يحاط بحقيقته، لأن رحمة الله لا تدرك بالعقل، ومع ذلك فضربها النبي - صلى الله عليه وسلم - للسامعين بحال المرأة المذكورة (متفق عليه) أخرجه البخاري في باب رحمة الولد من كتاب الأدب، ومسلم في التوبة.

٢٣٩٤- قوله: (لن ينجي) أي: من النار ((ولن)) لمجرد النفي. وقيل: لتوكيده، وينجي بفتح النون وكسر الجيم

<<  <  ج: ص:  >  >>