كل سيئة كان زلفها، وكان بعد القصاص: الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، والسيئة بمثلها إلا أن يتجاوز الله عنها.
ــ
الشعر خاصة لا في النثر، فتعقب الحافظ كعادته وإلا فذلك أمر ضروري لم يخل عنه أصغر كتاب في علم النحو. قال ابن آجروم: وإذًا في الشعر خاصة ولكن شغفه بالرد والتعقب على الحافظ أوقعه في ذلك، واستعمل الجواب مضارعًا وإن كان الشرط بلفظ الماضي لكنه بمعنى المستقبل. وفي رواية البزار كفر الله فواخى بينهما (كل سيئة) بنصب كل على المفعولية أي من الصغائر والكبائر (كان زلفها) جملة فعلية في محل الجر، لأنها صفة سيئة ((وزلفها)) بتخفيف اللام المفتوحة وتشديدها، ولأبي ذر أزلفها بزيادة همزة مفتوحة وهما بمعنى واحد كما قاله الخطابي وغيره أي أسلفها وقدمها على الإسلام، وفي المحكم أزلف الشيء قربه وزلفه مخففًا ومثقلاً قدمه، وفي الجامع الزلفة تكون في الخير والشر، وقال في المشارق: زلف بالتخفيف أي: جمع وكسب وهذا يشمل الأمرين. وأما القربة فلا تكون إلا في الخير فعلى هذا تترجح رواية غير أبي ذر أي: بدون الهمزة لكن الذي قاله الخطابي يساعد رواية أبي ذر أي بزيادة الهمزة المفتوحة فافهم (وكان بعد) بضم الدال بعد حسن الإسلام أو بعد تكفير السيئات به، وقوله: بعد كذا في جميع النسخ من المشكاة والمصابيح، والذي في الصحيح وكان بعد ذلك، وهكذا في الجامع الصغير، وكذا وقع عند النسائي (القصاص) بالرفع اسم كان على أنها ناقصة أو فاعل على أنها تامة، وعبر بالماضي، وإن كان السياق يقتضي المضارع لتحقق الوقوع فكأنه واقع وذلك كما في قوله تعالى:{وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ}(الأعراف: ٤٤) أي: وكان بعد ذلك المجازاة في الدنيا أو في الآخرة على الأعمال التي يفعلها بعد إسلامه. قال العيني: المراد بالقصاص ها هنا مقابلة الشيء بالشيء أي: كل شيء يعمله يعطي في مقابله شيء إن خيرًا فخيرًا وإن شرًا فشرًا. وقال السندي: أي: المماثلة الشرعية وضعها الله تعالى فضلاً منه ولطفًا لا العقلية (الحسنة) بالرفع مبتدأ خبره (بعشر أمثالها) أي: تكتب أو تثبت بعشر أمثالها والجملة استنا فيها بيان وتفسير للقصاص، واللام في (الحسنة) للاستغراق يدل على هذا قوله: كل حسنة في حديث أبي هريرة رقم (٤٤) المتقدم في كتاب الإيمان (إلى سبع مائة ضعف) متعلق بمقدر أي: منتهية إلى ذلك فهو حال والضعف المثل (إلى أضعاف كثيرة) أي: ممتدة إلى أمثال كثيرة فضلاً من الله ونعمة (والسيئة) مبتدأ خبره (بمثلها) أي: من غير زيادة عدلاً ورحمة كما قال: فلا يجزى إلا مثلها. والجملة معطوفة على الجملة قبلها (إلا أن يتجاوز الله عنها) أي: عن السيئة بقبول التوبة أو بالعفو وإن لم يتب، وفي فوائد سمويه إلا أن يغفر الله وهو الغفور، وفيه دليل لأهل السنة أن العبد تحت المشيئة إن شاء الله تعالى تجاوز عنه وإن شاء