فإن هم بها فعملها، كتبها الله له عنده عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة. ومن هم بسيئة فلم يعملها، كتبها الله له عند حسنة كاملة.
ــ
والتضعيف مختص بالعامل. قال تعالى:{مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا}(الأنعام: ١٦٠) والمجيء بها بالجوارح. وأما الناوي فإنما ورد أنه يكتب له حسنة، ومعناه يكتب له مثل ثواب الحسنة، والتضعيف قدر زائد على أصل الحسنة. قال الحافظ: ظاهر الحديث حصول الحسنة بمجرد الترك سواء كان ذلك لمانع أو لا، ويتجه أن يقال يتفاوت عظم الحسنة بحسب المانع، فإن كان خارجيًا مع بقاء قصد الذي هم بفعل الحسنة فهي عظيمة القدر، ولاسيما إن قارنها ندم على تفويتها واستمرت النية على فيها عند القدرة، وإن كان الترك من الذي هم من قبل نفسه فهي دون ذلك إلا أن قارنها قصد الإعراض عنها جملة. والرغبة عن فعلها، ولاسيما إن وقع العمل في عكسها كأن يريد أن يتصدق بدرهم مثلاً فصرفه بعينه في معصية، فالذي يظهر في الأخير أن لا يكتب له حسنة أصلاً وأما ما قبله فعلى الاحتمال - انتهى. (فان هم بها) أي بالحسنة (فعملها) بكسر الميم يعنى جمع بين النية والعمل (كتبها الله له عنده) اعتناء به وتشريفًا له (عشر حسنات) قال تعالى: {مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا}(الأنعام: ١٦٠) وهذا أقل ما وعد به من الأضعاف وقوله فإن هم بها فعملها كتبها الله عشر حسنات يؤخذ منه رفع توهم إن حسنة الإرادة تضاف إلى عشرة التضعيف، فتكون الجملة إحدى عشرة، فإن هذا خلاف ظاهر هذا الحديث. (إلى سبع مائة ضعف) بكسر الضاد أي مثل (إلى أضعاف كثيرة) بحسب الزيادة في الإخلاص وصدق العزم وحضور القلب وتعدي النفع كالصدقة الجارية والعلم النافع والسنة الحسنة وشرف العمل ونحو ذلك (ومن هم بسيئة فلم يعملها) أي مراقبة لله وخوفًا منه مع القدرة عليها لما في حديث أبي هريرة عند البخاري في التوحيد، وإن تركها من أجلي فاكتبوها له حسنة. ولمسلم وإن تركها فاكتبوها له حسنة إنما تركها من جرأي. بفتح الجيم وتشديد الراء وبعد الألف ياء المتكلم، وهي بمعنى من أجلي (كتبها الله له عنده حسنة كاملة) قد تقدم أن المراد بالكمال عظم القدر لا التضعيف إلى العشرة، وظاهر إطلاق هذا الحديث كتابة الحسنة بمجرد الترك، لكنه محمول على ما قيد به في حديث أبي هريرة فهو مخصوص لمن هم بسيئة فتركها لوجه الله تعالى. قال الحافظ: ويحتمل أن تكون حسنة من ترك بغير استحضار ما قيد به دون حسنة الآخر، لما تقدم أن ترك المعصية كف عن الشر والكف عن الشر خير، ويحتمل أيضًا أن يكتب لمن هم بالمعصية ثم تركها حسنة مجردة، فإن تركها من مخافة ربه سبحانه كتبت حسنة مضاعفة. وقال الخطابي: محل كتابة الحسنة على الترك، أن يكون التارك قد قدر على الفعل ثم تركه، لأن الإنسان لا يسمى تاركًا إلا مع القدرة، ويدخل فيه من حال بينه وبين حرصه على الفعل مانع كان يمشي إلى امرأة ليزني بها مثلاً، فيجد الباب