مغلقًا ويتعسر فتحه ومثله من تمكن من الزنا مثلاً فلم ينتشر أو طرقه ما يخاف من أذاه عاجلاً - انتهى. اعلم أنهم اختلفوا فيمن هم بمعصية أو عزم عليها بقلبه وصمم على فعلها هل يأثم في عزمه وتصميمه أم لا؟ قال المازري: ذهب ابن الباقلاني يعني ومن تبعه إلى أن من عزم على المعصية بقلبه ووطن عليها نفسه أنه يأثم، وحمل الأحاديث الواردة في العفو عمن هم بسيئة ولم يعملها على الخاطر الذي يمر بالقلب ولا يستقر. قال المارزي: وخالفه كثير من الفقهاء والمحدثين والمتكلمين ونقل ذلك عن الشافعي، ويؤيده قوله في حديث أبي هريرة في ما أخرجه مسلم من طريق همام عنه بلفظ: فأنا أغفر له ما لم يعملها، فإن الظاهر إن المراد بالعمل هنا عمل الجارحة بالمعصية المهموم به وتعقبه عياض بأن عامة السلف وأهل العلم من الفقهاء المحدثين على ما قال ابن الباقلاني لاتفاقهم على المؤاخذة بأعمال القلوب، لكنهم قالوا إن العزم على السيئة يكتب سيئة مجردة لا السيئة التي هم أن يعملها لكونه لم يعملها وقطعه عنها قاطع غير خوف الله تعالى والإنابة كمن يأمر بتحصيل معصية، ثم لا يفعلها بعد حصولها فإنه يأثم بالأمر المذكور لا بالمعصية. قال الحافظ: ومما يدل على ذلك حديث: إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار. قيل: هذا القاتل فما بال المقتول قال إنه كان حريصًا على قتل صاحبه. والذي يظهر أنه من هذا الجنس وهو أنه يعاقب على عزمه بمقدار ما يستحقه ولا يعاقب عقاب من باشر القتل حشاء وهنا قسم آخر وهو من فعل المعصية ولم يتب منها، ثم هم أن يعود إليها فإنه يعاقب على الإصرار كما جزم به بن المبارك وغيره في تفسير قوله تعالى:{وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ} . ويؤيده أن الإصرار معصية اتفاقًا فمن عزم على المعصية وصمم عليها كتبت عليه سيئة فإذا عملها كتبت عليه معصية ثانية. قال عياض: فإن تركها خشية لله تعالى كتبت حسنة كما في الحديث، إنما تركها من جرأي فصار تركه لخوف الله تعالى ومجاهدته نفسه الأمارة بالسوء في ذلك وعصيانه هواه حسنة. فأما الهم الذي لا يكتب فهي الخواطر التي لا توطن النفس عليها ولا يصحبها عقد ولا نية ولا عزم. قال النووي: وهذا ظاهر حسن لا مزيد عليه، وقد تظاهرت نصوص الشريعة بالمؤاخذة على عزم القلب المستقر كقوله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ}(النور: ١٩) الآية وقوله: {اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ}(الحجرات: ١٢) وغير ذلك قال الحافظ: وأجيب عن القول الأول بأن المؤاخذة على أعمال القلوب المستقلة بالمعصية، لا تستلزم المؤاخذة على عمل القلب بقصد معصية الجارحة إذا لم يعمل المقصود للفرق بين ما هو بالقصد وما هو بالوسيلة. وقسم بعضهم ما يقع في النفس أقسامًا يظهر منه. الجواب عن الثاني أضعفها أن يخطر له ثم يذهب في الحال وهذا من الوسوسة وهو معفو عنها وهو دون التردد، وفوقه أن يتردد فيه فيهم به ثم ينفر عنه فيتركه ثم يهم به ثم يترك كذلك ولا يستمر