للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٢٤٠٣- (١٧) وعن أسامة بن زيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قول الله عز وجل: {فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ} قال: كلهم في الجنة.

ــ

قال الهيثمي (ج١٠: ص٢٠٢) ورجاله رجال الصحيح غير ميمون بن عجلان وهو ثقة - انتهى.

٢٤٠٣- قوله (في قول الله عز وجل فمنهم ظالم لنفسه) الفاء تفصيل لقوله {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ (فاطر: ٣٢) والمفعول الأول، ((لأورثنا)) الموصول، والمفعول الثاني الكتاب وإنما قدم المفعول الثاني لقصد التشريف والتعظيم للكتاب، والمعنى ثم أورثنا أي أعطينا الذين اصطفيناهم من عبادنا الكتاب، وهو القرآن ((ومن)) للبيان أو للتبعيض، والمراد بعبادنا أمة الإجابة أو أمة الدعوة وبالموصول آله وأصحابه ومن بعدهم من أمته، والمعنى قضينا وقدرنا وحكمنا بتوريث القرآن منك الذين اخترناهم من أمتك أو عبر بالماضي عن المضارع لتحققه، ثم قسم سبحانه هؤلاء الذين أورثهم كتابه واصطفاهم من عباده إلى ثلاثة أقسام فقال: {فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ} (فاطر: ٣٢) أي بالتقصير في العمل به (ومنهم مقتصد) يعمل به في أغلب أحواله وأوقاته (ومنهم سابق بالخيرات) يضم إلى العمل به التعليم والإرشاد إلى العمل. وقيل: الظالم لنفسه هو المفرط في فعل بعض الواجبات المرتكب لبعض المحرمات، والمقتصد هو المؤدي للواجبات التارك للمحرمات، وقد يترك بعض المستحبات، ويفعل بعض المكروهات، والسابق بالخيرات هو: الفاعل للواجبات والمستحبات التارك للمحرمات والمكروهات وبعض المباحات. وقيل: الظالم هو المرجأ لأمر الله والمقتصد هو الذي خلط عملاً صالحًا وآخر سيئًا. قال النسفي: وهذا التأويل يوافق التنزيل فإنه تعالى قال: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ} (التوبة: ١٠٠) الآية وقال بعده: {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمْ} (التوبة: ١٠٢) الآية وقال بعده: {وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ} (التوبة: ١٠٦) - انتهى. وقيل: الظلم للنفس يصدق على الظلم للنفس بمجرد إحرامها للحظ وتفويت ما هو خير لها فتارك الاستكثار من الطاعات قد ظلم نفسه باعتبار ما فوتها من الثواب، وإن كان قائمًا بما أوجب الله عليه وتاركًا لما نهاه الله عنه، ومعنى المقتصد هو من يتوسط في أمر الدين ولا يميل إلى جانب الإفراط ولا إلى جانب التفريط. وأما السابق: فهو الذي سبق غيره في أمور الدين وهو خير الثلاثة وفي تفسير هؤلاء الثلاثة أقوال أخرى كثيرة ذكرها الثعلبي وغيره. (قال) أي النبي - صلى الله عليه وسلم - (كلهم في الجنة) إيذان بأن قوله: {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا} (النحل: ٣١) مبتدأ أو خبر، والضمير للثلاثة، والحديث ذكره الحافظ ابن كثير من رواية الطبراني بلفظ: قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: كلهم من هذه الأمة. وذكره الشوكاني في فتح القدير (ج٤: ص٣٤١) وعزاه للطبراني وابن مردويه، والبيهقي بلفظ: كلهم من هذه الأمة وكلهم في الجنة. قال ابن كثير: قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: في قوله تعالى: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا} قال هم

<<  <  ج: ص:  >  >>