بل إيقاظ وإنامة، وأجيب بأن الموت عبارة عن انقطاع تعلق الروح بالبدن، وذلك قد يكون ظاهرًا فقط وهو النوم ولهذا يقال ((النوم أخو الموت)) أو ظاهرًا وباطنًا وهو الموت المتعارف فإطلاق الموت على النوم يكون مجازًا لاشتراكهما في انقطاع تعلق الروح بالبدن، وقيل سمي النوم بالموت لأن الصفات السمع من الحياة والعلم والقدرة والسمع والبصر والكلام كما تزول بالموت بتة تبقى بالنوم بحيث لم تكن. فالنوم يعطل هذه الصفات بحيث نستطيع أن نقول إنها بطلت كلها سوى الحياة حتى يستيقظ، والحياة وإن كانت باقية للنوم لكن النائم لا يدر بها ففي حقه لا يبعد أن يقال: زالت عنه تلك الصفات السبع كلها فيدخل في سلك الموتى. وقال أبو إسحاق الزجاج: النفس التي تفارق الإنسان عند النوم هي التي للتمييز، والتي تفارقه عند الموت هي التي للحياة، وهي التي تزول معها التنفس، وسمي النوم موتًا لأنه يزول معه العقل والحركة تمثيلاً وتشبيهًا لا تحقيقًا. وقال الخطابي: هذا مجاز لأن الحياة غير زائلة عند النوم لكن جعل السكون عن الحركات وزوال القدرة عند النوم بمنزلة الموت فقال: ((بعد ما أماتنا)) أي رد علينا القوة والحركة بعدما أن أزالهما منا بعد النوم (وإليه النشور) أي البعث يوم القيامة والإحياء بعد الإماتة. يقال: نشر الله الموتى فنشروا أي أحياهم فحيوا. قاله الحافظ. وقال في النهاية: نشر الميت نشورًا، إذا عاش بعد الموت، وأنشره الله أي أحياه. قيل: ما سبب الشكر على الانتباه من النوم، وأجاب الطيبي مبينًا لحكمة إطلاق الموت على النوم بأن انتفاع الإنسان بالحياة إنما هو بتحري رضا الله عنه وتوخي طاعته والاجتناب عن سخطه وعقابه فمن نام زال عنه هذا الانتفاع بالكلية ولم يأخذ نصيب حياته وكان كالميت فكان قوله:((الحمد لله)) شكرًا لنيل هذه النعمة وزوال ذلك المانع وقال الطيبي: وهذا التأويل موافق للحديث الآخر الذي فيه ((وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين)) وينتظم معه قوله ((وإليه النشور)) أي وإليه المرجع في نيل الثواب بما يكتسب في الحياة. قيل الذكر في بدء نومه والحمد بعد يقظته مشعر بأنه ينبغي أن يكون السالك عند نومه ذاكرًا الله تعالى متهيئًا للموت لأنه خاتمة أمره وعمله، وعند تنبهه حامدًا لله وشاكرًا على فضله، ويتذكر باليقظة بعد النوم البعث بعد الموت، وأن يعلم أن مرجع الخلق كله إلى مولاه. (رواه البخاري) في الدعوات والتوحيد أي عن حذيفة، وكذا رواه عنه أحمد (ج٥: ص٣٨٥، ٣٨٧، ٣٩٧، ٣٩٩، ٤٠٧) ، والترمذي في الدعوات، وأبو داود في الأدب، وابن ماجة في الدعاء، والنسائي، وابن السنى (ص٢٢٥) ، وابن أبي شيبة، والبخاري في الأدب المفرد، والدارمي في الاستيذان، والبغوي في شرح السنة (ج٥: ص ٩٨، ٩٩) .
٢٤٠٦- قوله (ومسلم عن البراء) قال القاري: فالحديث متفق عليه، والخلاف في الصحابي. قلت: ليس هذا الحديث متفقًا عليه في عرف المحدثين إذا شرطوا فيه اتحاد الصحابي. والحديث رواه أحمد أيضًا عن البراء (ج٤: ص٢٩٤، ٣٠٢) .