٢٤٤١- (٣) وعَنْ سُلَيْمَانَ بْنُ صُرَدٍ قَالَ: اسْتَبَّ رَجُلانِ عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَنَحْنُ عِنْدَهُ جُلُوسٌ وَأَحَدُهُمَا يَسُبُّ صَاحِبَهُ مُغْضَبًا قَدْ احْمَرَّ وَجْهُهُ فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: إِنِّي لأَعْلَمُ كَلِمَةً لَوْ قَالَهَا لَذَهَبَ عَنْهُ مَا يَجِدُ ((أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ)) فَقَالُوا لِلرَّجُلِ:
ــ
أأذكر حاجتي أم قد كفاني ... حباءك إن شيمتك الحباء
إذا أثنى عليك المرأ يومًا ... كفاه من تعرضك الثناء
قال سفيان: فهذا مخلوق حين نسب إلى الكرم، اكتفى بالثناء عن السؤال فكيف بالخالق - انتهى. وحاصل هذا الجواب أن الدعاء قد يكون صريحًا، وقد يكون تعريضًا، فإن الثناء على الكريم يتضمن الدعاء، والسؤال تعريضًا بألطف إيماء كمدح السائل والشاعر. قال الحافظ: ويؤيد الاحتمال الثاني حديث سعد بن أبي وقاص في دعوة ذي النون، إذ دعا وهو في بطن الحوت ((لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين)) الحديث. وقد تقدم في الفصل الثاني من كتاب أسماء الله تعالى:(ج٣: ص٤٤٠) قلت: ويؤيد الاحتمال الأول رواية أبي عوانه والأدب المفرد (متفق عليه) أخرجه البخاري في الدعوات، وفي التوحيد، ومسلم في الدعاء، وأخرجه أيضًا أحمد (ج١: ص٢٢٩، ٢٥٥، ٢٦٠، ٢٦٩، ٢٨١، ٢٨٤) ، والبخاري في الأدب المفرد (ج٢ ص١٥٧، ١٦١) ، وابن ماجة في الدعاء، وأبو عوانة في صحيحه.
٢٤٤١- قوله (عن سليمان بن صرد) بضم الصاد وفتح الراء بعدها دال مهملات، (استب رجلان) افتعال من السب أي تشاتما يعني شتم أحدهما الآخر، ولم يعرف الحافظ أسماء الرجلين، (عند النبي - صلى الله عليه وسلم -) أي بمحضر منه، (وأحدهما يسب صاحبه) ، أي سبًا شديدًا (مغضبًا) ، بفتح الضاد حال من فاعل يسب (قد احمر وجهه) زاد في رواية: وانتفخت أوداجه. أي من شدة غضبه، ففي رواية للبخاري ((فغضب أحدهما فاشتد غضبه حتى انتفخ وجهه وتغير)) ، وفي حديث معاذ بن جبل عند أحمد وأصحاب السنن، حتى إنه ليخيل إلى أن أنفه ليتمزع من الغضب، (إني لأعلم كلمة) ، أي بالمعنى اللغوي الشامل للجملة المفيدة، (لو قالها لذهب) أي زال (عنه ما يجد) ، أي ما يجده من الغضب ببركتها (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم) بدل من كلمة. وفي البخاري ((لو قال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم)) أي ذهب عنه ما يجد، كما في رواية أخرى له وفي حديث معاذ: إني لأعلم كلمة لو يقولها هذا الغضبان لذهب عنه الغضب. ((اللهم إني أعوذ بك من الشيطان الرجيم)) ، والحديث مقتبس من قوله تعالى:{وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}(٧: ٢٠٠) قال الطيبي: أي ولا تنفع الاستعاذة من أمتك إلا المتقين، بدليل قوله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا} أي ما أمرهم به تعالى ونهاهم عنه {فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ}(٧: ٢٠١) لطريق السداد ودفعوا ما وسوس به إليهم (فقالوا للرجل) في