٢٤٨٥- (٥) وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: كَانَ مِنْ دُعَاءِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ،
ــ
ويحتمل أن يكون مراده من علم ليس مما يحتاج إليه في الدين وليس في تعلمه إذن في الشرع (ومن قلب لا يخشع) أي: لا يخاف الله أو لا يخشع لذكر الله ولا لاستماع كلامه وهو القلب القاسي الذي هو أبعد القلوب من حضرة علام الغيوب. وقال القاري: أي: لا يسكن ولا يطمئن بذكر الله (ومن نفس لا تشبع) بفتح الموحدة أي: بما آتاها الله ولا تقنع بما رزقها الله ولا تفتر عن جمع المال لما فيها من شدة الحرص أو الأشر والبطر أو من نفس تأكل كثيرًا لأن كثرة الأكل جالبة لكثرة الأبخرة الموجبة للنوم والكسل وكثرة الوساوس والخطرات النفسانية المؤدية إلى مضار الدنيا والآخرة. قال ابن الملك أي: حريصة على جمع المال وتحصيل المناصب، وقيل على حقيقته فهو إما لشدة حرصه على الدنيا لا يقدر أن يأكل قدر ما يشبع جوعته، وإما الاستيلاء الجوع البقري عليه وهو جوع الأعضاء مع شبع المعدة عكس الشهوة الكلبية (ومن دعوة لا يستجاب لها) لكونها معصية أو ما لا يرضاه الحق أو المراد التعوذ من عدم استجابة الدعاء مطلقًا. قال الطيبي: الضمير في ((لها)) عاد إلى الدعوة واللام زائدة. قال الشوكاني: استعاذ - صلى الله عليه وسلم - من علم لا ينفع لأنه يكون وبالاً على صاحبه وحجة عليه، واستعاذ أيضًا من القلب الذي لا يخشع لأنه يكون حينئذٍ قاسيًا لا تؤثر فيه موعظة ولا نصيحة ولا يرغب في ترغيب ولا يرهب من ترهيب. واستعاذ من النفس التي لا تشبع لأنها تكون متكالبة على الحطام متجرئة على المال الحرام غير قانعة بما يكفيها من الرزق فلا تزال في تعب الدنيا وعقوبة في الآخرة، واستعاذ من الدعوة التي لا يستجاب لها لأن الرب سبحانه هو المعطي المانع الباسط القابض الضار النافع فإذا توجه العبد إليه في دعاءه ولم يستجب دعوته فقد خاب الداعي وخسر لأنه طرد من الباب الذي لا يستجلب الخير إلا منه ولا يستدفع الضر إلا به، اللهم إنا نعوذ بك مما استعاذ بك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. (رواه مسلم) في الدعوات، وأخرجه أيضًا أحمد (ج٤: ص٣٧١) ، والبغوي (ج٥: ص١٥٨، ١٥٩) ، وأخرجه الترمذي في الدعوات، والنسائي في الاستعاذة مختصرًا ونسبه الشوكاني في تحفة الذاكرين لعبد بن حميد أيضًا.
٢٤٨٥- قوله:(وعن عبد الله بن عمر) بلا واو (اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك) أي: ذهاب نعمك الدينية والدنيوية النافعة في الأمور الأخروية من غير بدل قال في فيض القدير: مفرد في معنى الجمع يعم النعم الظاهرة والباطنة، والنعمة كل ملاءم تحمد عاقبته، ومن ثم قالوا: لا نعمة لله على كافر بل ملاذه استدراج والاستعاذة من زوال النعم تتضمن الحفظ عن الوقوع في المعاصي لأنها تزيلها ألا ترى إلى قوله: