للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أَمُوتَ فِي سَبِيلِكَ مُدْبِرًا وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ أَمُوتَ لَدِيغًا. رواه أبو داود، والنسائي. وزاد في رواية أخرى: والغم.

٢٤٩٨- (١٨) وعَنْ مُعَاذِ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: اسْتَعِيذُوا بِاللَّهِ مِنْ طَمَعٍ يَهْدِي

ــ

والأصل في التخبط أن يضرب البعير الشيء بخف يده فيسقط وقال الجزري: من تخبطه الشيطان إذا صرعه ولعب به، والخبط باليدين كالرمح بالرجلين. وقال الشوكاني: أي يفتنه ويغلبه على أمره ويحسن له ما هو قبيح ويقبح له ما هو حسن ويناله بشيء من المس كالصرع والجنون ولما قيده بالتخبط عند الموت كان أظهر المعاني فيه هو أن يغويه ويوسوس له ويلهيه عن التثبت بالشهادة والإقرار بالتوحيد. وقال الخطابي: هو أن يستولي عليه الشيطان عند مفارقته الدنيا فيضله ويحول بينه وبين التوبة أو يعوقه عن إصلاح شأنه والخروج من مظلمة تكون قبله أو يؤيسه من رحمة الله أو يكره الموت ويؤسفه على حياة الدنيا فلا يرضى بما قضاه الله عليه من الفناء والنقلة إلى الدار الآخرة فيختم له بالسوء ويلقى الله وهو ساخط عليه (وأعوذ بك من أن أموت في سبيلك مدبرًا) ، أي عن الحق أو عن قتال الكفار حيث حرم الفرار، وقال في الحرز: أي فارًا من الزحف أو تاركًا للطاعة مرتكبًا للمعصية أو رجوعًا إلى الدنيا بعد الإقبال على العقبى أو اختيارًا للغفلة والهوى إلى سوى حضور المولى. قيل: هذا وأمثال ذلك تعليم للأمة وإلا فرسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يجوز عليه الخبط والفرار من الزحف ونحوهما. والأظهر أن هذا كله تحدث بنعمة الله وطلب الثبات عليها والتلذذ بذكرها المتضمن بشكرها الموجب لمزيد النعمة المقتضي لإزالة النقمة - انتهى. قلت: وقع عند أحمد وكذا في رواية للنسائي ((وأن أقتل في سبيلك مدبرًا)) وهذا يرجح بل يعين المراد من الإدبار في رواية الكتاب وهو الفرار من الزحف في قتال الكفار (وأعوذ بك من أن أموت لديغًا) فعيل بمعنى مفعول من اللدغ وهو يستعمل في ذوات السم من الحية والعقرب ونحوهما، والاستعاذة مختصة بأن يموت عقيب اللدغ فيكون من قبيل فجاءة الموت. قال الشوكاني: استعاذ النبي - صلى الله عليه وسلم - من أن يموت لديغًا لأنه قد يموت بذلك فجاءة فلا يقدر على التثبت وقد يتراخى موته فيشتغل بهذا الألم الشديد عن أن يتخلص بما يجب عليه التخلص عنه. وقال التوربشتي: موت اللديغ مشابه في المعنى لأسباب الهلاك التي ذكرناها قبل (رواه أبو داود) في أواخر الصلاة، (والنسائي) في الاستعاذة، وأخرجه أيضًا أحمد (ج٣: ص٤٢٧) ، والحاكم (ج١: ص٥٣٠) ، (وزاد) أي النسائي (في رواية أخرى ((والغم)) ) ، أي كلمة الغم، وكذا زادها أحمد والحاكم، والحديث سكت عنه أبو داود والمنذري وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.

٢٤٩٨- قوله (استعيذوا بالله من طمع) بفتح الطاء المهملة والميم، أي حرص شديد. وقال القاري: هو نوع النفس إلى الشيء شهوة له (يهدى) بفتح أوله، أي يدل أو يؤدي أو يدني ويقرب ويوصل أو يجر. قال الطيبي: الهداية

<<  <  ج: ص:  >  >>