دليل على أنه ينبغي تجنب الألفاظ المحتملة للسب والنقص وإن لم يقصد المتكلم بها هذا المعنى المفيد للشتم سدًا للذريعة وقطعًا لمادة المفسدة والتطرق إليه - انتهى. وقال العلامة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي القصيمي: في تفسيره (ج١ ص٥٨) فيه الأدب واستعمال الألفاظ التي لا تحتمل إلا الحسن وعدم الفحش وترك الألفاظ القبيحة أو التي فيها نوع تشويش واحتمال لأمر غير لائق - انتهى. قلت: وكذلك ما قال بعض الحنفية من أن المراد به التوسل بصفة من صفات الله تعالى مثل أن يراد به التوسل بمحبة الله تعالى لعباده الكاملين التامة المستدعية عدم رده وأن يراد به التوسل برحمته الخاصة الشاملة لهم لأجل أعمالهم الفاضلة ولا شك في جواز التوسل بصفة الله تعالى هذا أيضًا مخدوش ومحل نظر فإن إرجاع ذلك إلى التوسل بصفة من صفاته تعالى، فيه تكلف وتعسف جدًا ولذلك لا يستشعر بذلك عامة المتوسلين بالأشخاص كما لا يخفى، ولو سلم فاللفظ محتمل للتوسل بالذات أيضًا، واستعمال الألفاظ المحتملة للأمر الغير المشروع منهي عنه بدليل الآية المتقدمة. وأما حديث الأعمى فالجواب عنه من ناحيتين: ناحية الإسناد وناحية المعنى. فإذا صح الإسناد أو حسن وكان المعنى في متنه ولفظه ما ذكره المجوزون قامت حجتهم ونهضت دعواهم وإلا فلا، ونحن سنورد ما نستطيع الكلام في الناحيتين إن شاء الله تعالى (رواه الترمذي) في ((أحاديث شيء)) من أبواب الدعوات، وأخرجه أيضًا أحمد (ج٤ ص١٣٨) وزاد ((ففعل الرجل فبرأ)) ، والنسائي في الكبرى وزاد ((فرجع وقد كشف الله عن بصره)) ، وابن ماجة في ((صلاة الحاجة)) ، وابن السني (ص٢٠٢) ، وابن خزيمة في صحيحه، والحاكم (ج١ ص٣١٣، ٥١٩، ٥٢٦) ، والبيهقي في دلائل النبوة، وابن أبي خيثمة في تاريخه والطبراني في الصغير (ص١٠٣)(وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب) في الترمذي بعد هذا ((لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث أبي جعفر وهو غير الخطمي)) انتهى. قلت: وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط البخاري ووافقه الذهبي وصححه أيضًا الطبراني كما تقدم، وأبو عبد الله المقدسي كما في التوسل والوسيلة (ص٨١) وفي تصحيحهم للحديث عندي نظر والراجح أنه حديث ضعيف لا يبلغ درجة الحسن فضلاً أن يكون صحيحًا، فإن إسناد هذا الحديث في جميع طرقه عند جميع رواته قد انفرد به راو واحد، هذا الراوي هو أبو جعفر الذي رواه عنه شعبة عند أحمد، والترمذي، والنسائي، وابن ماجة، والحاكم (ج١ ص ٣١٣، ٥١٩) ، والبيهقي، وابن أبي خيثمة، والذي رواه عند هؤلاء السبعة عن عمارة بن خزيمة بن ثابت، وقد قال الترمذي كما تقدم بعد رواية الحديث: غريب لا نعرفه إلا من حديث أبي جعفر، أما الذين رووه عن أبي جعفر هذا فشعبة عند هؤلاء السبعة، وروح بن القاسم عند ابن السني (ص٢٠٢) ، والحاكم (ج١ ص٥٢٦) ، والبيهقي أيضًا، والطبراني في الصغير (ص ١٠٣) ، وحماد بن سلمة عند ابن أبي خيثمة، وهشام الدستوائي عند ابن السني على ما ذكر الإمام ابن تيمية في رسالته (ص ٧٨) والحديث إلى أبي جعفر هذا صحيح السند لا بأس به وهذا