ظاهر لمن تفحص عن رجاله بين أبي جعفر وبين من أخرج هذا الحديث فلا كلام للناقد في إسناده حتى يصل أبا جعفر الذي قيل أنه الخطمي، وقيل: أنه غير الخطمي، وروى أبو جعفر هذا عند السبعة عن عمارة بن خزيمة عن عثمان بن حنيف الصحابي شاهدًا لقصة. وعمارة هذا ثقة لا كلام فيه وعثمان بن حنيف صحابي جليل لا كلام فيه أيضًا، وقد تابع عمارة بن خزيمة في روايته عن ابن حنيف أبو أمامة واسمه أسعد بن سهل بن حنيف ابن أخي عثمان بن حنيف رواه عن عمه عثمان عند البيهقي وابن السني والحاكم والطبراني فيكون أبو جعفر هذا رواه عن عمارة بن خزيمة وعن أبي أمامة بن سهل بن حنيف، فالحديث إذا لا يكون غريبًا إلا عند أبي جعفر المذكور، ولا ينفرد به سواه وسوى الصحابي عثمان بن حنيف، أما ما بين ذلك فالرواة متعددون وانفراد عثمان بن حنيف لا يضير الخبر لأنه صحابي جليل، فالكلام هنا يجب أن يقصر على أبي جعفر هذا، والترمذي كما تقدم يقول: إنه غير الخطمي. وسائر العلماء يقولون: أنه الخطمي، والغريب أن اسمه لم يقع مصرحًا به في واحد من الروايات فمن الخطمي إذا كان هو إياه ومن هو إذا كان سواه؟ أما أبو جعفر الخطمي فهو عمير بن يزيد بن عمير بن حبيب الأنصاري المدني ثم البصري وهو ثقة من رجال الأربعة، روى عن أبيه وعمارة بن خزيمة وآخرين، وعنه هشام الدستوائي وشعبة وروح بن القاسم وحماد بن سلمة ويحيى القطان وآخرون، وقال الحافظ في تهذيب التهذيب: وثقه ابن معين والنسائي، وابن نمير والعجلي والطبراني، وذكره ابن حبان في الثقات وأثنى عليه ابن مهدي. وقال الحافظ وقال أبو الحسن المديني: وهو مدني، قدم البصرة وليس لأهل المدنية عنه أثر ولا يعرفونه - انتهى. فأبو جعفر هذا إن كان هو الخطمي كما ظنه غير الترمذي فالحديث في درجة متوسطة في الصحة والجودة لا يبلغ مكانة أحاديث الصحيحين ولا ينزل إلى أن يكون ضعيفًا باطلاً مردودًا، وإنما هو كالأحاديث التي يصححها أمثال الترمذي وابن خزيمة وابن حبان والحاكم ونحوهم ممن عندهم نحو تساهل في التصحيح ونقد الأخبار، هذا إن كان أبو جعفر هذا هو الخطمي، ولكن وقع اختلاف كما تقدم، فالترمذي يقول في جامعه إنه غير الخطمي، والحافظ ابن حجر يميل في التقريب إلى أنه غير الخطمي كالترمذي ويرجح أنه أبو جعفر عيسى بن ماهان الرازي التميمي. قال الحافظ في الكنى من التقريب: أبو جعفر عن عمارة بن خزيمة قال الترمذي: ليس هو الخطمي فلعله الذي بعده يريد به أبا جعفر عيسى بن ماهان الرازي التميمي الذي قال الحافظ فيه: إنه صدوق سيئ الحفظ. وفي تهذيب التهذيب أيضًا ما يدل على أنه يرجح كونه غير الخطمي، وذلك أنه قال في الكنى من التهذيب (ج١٢ ص٥٨) : أبو جعفر عن عمارة بن خزيمة وعنه شعبة، قال الترمذي: ليس هو الخطمي ولم يزد على ذلك ولم ينكر على الترمذي ما حكاه عنه فكأنه يميل إلى الأخذ بقوله وعند ما ذكر ترجمة الخطمي من التهذيب لم يتعرض لذلك الخلاف ولم يقل إنه الذي روى ذلك الخبر عن عمارة مع أنه معروف التنقيب على ما يراه يستحق ذلك، فالظاهر من مجموع ذلك أنه يميل إلى موافقة الترمذي في القول بأنه غير الخطمي. هذا قول الترمذي ومن في جانبه، وأما الأكثرون فقد ذكروا أنه الخطمي بعينه وقد وقع ذلك في كثير