للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

..............................................................................................

ــ

من الكتب التي رُوي الحديث فيها، وقد رجح شيخ الإسلام ابن تيمية ذلك الرأي الأخير، إذًا فالخلاف قائم بين أهل الحديث في أبي جعفر راوي الحديث وقد يقول قائل إنه يجب إسقاط خلاف الترمذي ومن معه في هذا الخلاف لأنه قائم على الظن والتوهم فلا حجة فيه وإنما الحجة في قول سواهم وهم الذين صرحوا بأنه هو الخطمي كما وقع مصرحًا به عند ابن أبي خيثمة في التاريخ وعند الطبراني في المعجم الصغير وعند الحاكم في المستدرك، وعند ابن السني في عمل اليوم والليلة، فإن هؤلاء قد صرحوا بأن راوي الحديث هو الخطمي عينه وهم ما قالوا ذلك إلا لأنهم علموا أو حدثوا أنه هو نصًا لا توهمًا، وذلك يقتضي ترجيح رأيهم على رأى الترمذي فيجب المصير إليه علمًا وبحثًا وتحقيقًا. قيل في الجواب: كلا إنه لا يجب بل لا يجوز إطراح قول الترمذي اعتباطًا ولا الذهاب إلى تخطئته جزافًا إذ لو صح لنا أن نقول إنه ظن محض بلا دليل لصح لنا أن نقول إن هؤلاء الذين صرحوا في كتبهم أنه هو الخطمي نفسه ليس لهم دليل أيضًا سوى التوهم والظن وهذا قريب جدًا، وذلك أنهم وجدوا أبا جعفر في الإسناد مجردًا مطلقًا مما يمكن أن يعينه فوثب إلى توهمهم وأوهامهم أنه الخطمي فصرحوا بما توهموه لا بما علموه. وهذا يحتمل في الترمذي كما يحتمل في الآخرين المخالفين له وإن كان يبدو للمتأمل جيدًا تقديم ما ذهب إليه الترمذي وترجيحه وذلك أنه يبعد جدًا أن يصرح عالم بالحديث مثله بأن هذا ليس هو الخطمي بمجرد الظن المحض لأنه إذا لم يكن لديه سوى التوهم كانت منطقة السكوت أرحب وأوسع وما أبعد أن يقع اسم أو كنية بين يدي ناقد بصير مثل الترمذي فيقول مبادرًا إن صاحب ذلك الاسم أو تلك الكنية ليس هو فلانًا ممن يسمون ذلك الاسم بلا حجة ولا برهان سوى الظن البحت، أما من قالوا إنه الخطمي فمن القريب للغاية أن يسمعوا الراوي يقول حدثني أبو جعفر فينساق بسرعة إلى أذهانهم أنه هو الخطمي أو غيره ممن يكنون تلك الكنية، وإذا لا يسوغ لنا شد المعرفة والحقيقة أن يبادر إلى الحكم بتخطئة الترمذي زاعمًا أنه الخطمي قولاً واحدًا بل يجب على الأقل التريث والتوقف ما لم ينبثق له في تلك الظلمة شعاع من نور ولا سيما أن ذلك الراوي المختلف فيه لم يتابعه أحد على روايته الحديث عن عمارة بن خزيمة وعن أبي أمامة بن سهل بن حنيف بل انفرد به في جميع الأسانيد والروايات وهذا ما يزيد الباحث الحريص على الحقيقة والمعرفة توقفًا وتريثًا. ولا سيما والحديث وارد في مسألة كهذه لها من الخطورة ما لها وإذ وصلنا إلى ذلك الدور من التحقيق وجدنا أمامنا أمرين لا مندوحة لنا من اختيار أحدهما: الأول أن نذهب قولاً واحدًا إلى أن ذلك الراوي ليس هو الخطمي كما قال الترمذي وكما رجح الحافظ ابن حجر على ما سبق. الثاني أن نلتزم التوقف وتجويز كلا الاحتمالين والقولين ريثما يقدر لنا قبس من نور في تلك الدجنة نتلمس به حقيقة ما غم علينا وعلى الباحثين وعلى الاحتمالين والقولين لا يصح لنا أن نبادر إلى القول بصحة الحديث وإلى الأخذ به حتى نأمن من أن يكون ذلك الراوي راويًا ضعيفًا متروكًا أو ممن لا يحتج به إذا انفراد برواية الحديث، وما دمنا جوزنا أن يكون الخطمي وأن يكون سواه فلا سبيل إلى الضمان من أن يكون ضعيفًا حتى نعلم أن جميع من يكنون تلك الكنية ممن هم في تلك الطبقة ثقات

<<  <  ج: ص:  >  >>