للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

..............................................................................................

ــ

أثبات أما إذا ذهبنا إلى القطع بأنه غير الخطمي فقد يحتمل أن يكون راويًا ضعيفًا، وكذلك إذا جوزنا أن يكون إياه وأن يكون سواه لأنه لا سبيل إلى القطع بأنه هو قولاً واحدًا إلا لمن كان متسرعًا إلى ما يجب التأني والبطء فيه، ومادام ذلك الاحتمال موجودًا فلا شك أن العمل بالحديث غير جائز، ومن ثم ذهب المحدثون إلى أن رواية المجهول مردودة لاحتمال أن يكون ضعيفًا وأجمعوا على أنه إذا جاءت رواية باسم مشترك بين ثقات وضعفاء فاحتمل أن تكون الرواية رواية ضعيف، واحتمل أن تكون رواية ثقة وجب طرح تلك الرواية والتوقف في العمل بها، ثم نقول إن أبا جعفر هذا إذا لم يكن الخطمي فيحتمل أن يكون هو أبا جعفر عيسى بن ما هان الرازي التميمي، وقد تقدم أنه سيء الحفظ، وقد تفرد برواية هذا الحديث لم يتابعه أحد ولا شاهد له فلا يصح الاحتجاج بروايته، واعترض على هذا التجويز والاحتمال بأنه وقع في بعض الروايات نسبة أبي جعفر هذا إلى المدينة فجاء في سنن ابن ماجة عن أبي جعفر المدني وكذا جاء في مسند أحمد وعند البيهقي والحاكم والطبراني، وابن السني وهذا في الظاهر يأبى احتمال أن يكون أبو جعفر هذا هو عيسى بن ماهان الرازي لأنه ليس مدنيًا بل مروزي الأصل سكن الريّ وقيل أصله من البصرة ومتجره إلى الري فنسب إليها كذا في تهذيب التهذيب، وهناك رواة آخرون يكنون تلك الكنية منهم الثقات ومنهم الضعفاء ويجوز أن يكون أبو جعفر الذي في الخبر أحدهم ويجوز العكس وأن يكون رجلاً مجهولاً ليس له إلا ذلك الحديث ولم يرو عنه شعبة وروح بن القاسم سواه ولم يروه عن عمارة غيره، وقد يفهم هذا من صنع الحافظ ابن حجر، وذلك أنه قال فيمن يكنون بأبي جعفر أبو جعفر عن عمارة بن خزيمة وعنه شعبة، قال الترمذي ليس هو الخطمي - انتهى. وقد يشهد لهذا أيضًا قول الترمذي أنه غير الخطمي ولم يزد على ذلك القول شيئًا فلم يسمه ولم يصفه ولم ينسبه فكأنه ما يعرف عنه شيئًا وإنما صحح حديثه اعتمادًا على رواية شعبة عنه لأن شعبة لا يروى إلا عن الثقات غالبًا وألا فقد روى عن غير الثقات، علا أن الترمذي معروف بالتساهل واللين في التحسين والتصحيح وقد اتضح بهذا البيان للمنصف أن حديث الأعمى ليس من الصحاح ولا الحسان وأنه لا يسوغ لمن لا يرضى لنفسه وعقيدته إلا الصحة واليقين أن يعمل به. أو إلزام الناس به فإن أبا جعفر المنفرد بروايته رجل مجهول لا نعرف حاله ولا يدرى مكانه من الصحة والقوة والضعف على وجه اليقين فيجب التوقف في روايته بل يجب ردها، وأما تصحيح من صححوه فليس بحجة وفي سنده ما ذكرناه من النقد والقدح، والذين صححوه كلهم من المتساهلين في التصحيح أمثال الترمذي والحاكم. وأما رواية ابن خزيمة في صحيحه فلا تقتضي الصحة مطلقًا كما بينه الأمير اليماني في توضح الأفكار (ج١ ص٦٤) ويحتمل أن يكون الذين صححوه اعتمدوا في ذلك على رواية شعبة بن الحجاج له عن أبي جعفر المختلف فيه، وذلك أن شعبة قد عهد منه كثيرًا اجتناب الضعفاء واجتناب حديثهم والرواية عنهم ولكن هذا ليس بلازم فقد روى شعبة عن قوم ضعفاء، ولعلهم أيضًا صححوه حاسبين أن أبا جعفر الراوي هو الخطمي لأن الخطمي ثقة ولم يعلموا أنه سواه كما علم الترمذي

<<  <  ج: ص:  >  >>