للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

..............................................................................................

ــ

المحذوفات، ولا دليل في الحديث على واحد منها، وأما المانعون فهم يقدرون الدعاء فقط، والدعاء مذكور فيه مدلول عليه بأول الخبر وآخره فكان تقديره سائغًا بل واجبًا بل هو في حكم المذكور المنصوص عليه فالعلم به لا يحتاج إلى تفكير ولا إلى دلالة ولا إلى شيء غير الفهم والإنصاف بل هذا ما يتبادر إلى فهم كل قارئ له ما عدا أهل الهوى والجدل والعناد وإننا نتحدى المجوزين ونطلب إليهم جميعًا أن يذكروا كلمة واحدة في الشرع وفي اللسان جاء استعمالها كاستعمال الحديث وكان التفسير لها كما ذكروا، فإن جاءوا بشيء من ذلك قلنا: صدقوا وألا فلا مهرب لهم من اقتحام الحقيقة والرضاء بالأمر الوقع والحق الذي لا غضاضة على قابله، قال الإمام شيخ الإسلام ابن تيمية في رسالته (ص٥٠) : حديث الأعمى لا حجة لهم، أي لمجوزي التوسل بالنبي - صلى الله عليه وسلم - فيه فإنه صريح في أنه إنما توسل بدعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - وشفاعته وهو طلب من النبي - صلى الله عليه وسلم - الدعاء وقد أمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يقول ((اللهم شفعه فيَّ)) ولهذا رد الله عليه بصره لما دعا له النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان ذلك يعد من آيات النبي - صلى الله عليه وسلم - ودعاء أمير المؤمنين عمر بن الخطاب في الاستسقاء المشهور بين المهاجرين والأنصار، وقوله: اللهم إنا كنا إذا أجدبنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا وإنا نتوسل إليك بعم نبينا. يدل على أن التوسل المشروع عندهم هو التوسل بدعائه وشفاعته لا السؤال بذاته إذ لو كان هذا مشروعًا لم يعدل عمر والمهاجرون والأنصار عن السؤال بالرسول إلى السؤال بالعباس - انتهى. وأما رواية الطبراني التي استدلوا بها على جواز التوسل به - صلى الله عليه وسلم - بعد مماته فيجاب عنها بما قال أيضًا شيخ الإسلام (ص٨٣) من أنه لا حجة فيها إذ الاعتبار بما رواه الصحابي لا بما فهمه إذا كان اللفظ الذي رواه لا يدل على ما فهمه بل على خلافه، ومعلوم أن الواحد بعد موته إذا قال ((اللهم فشفعه في وشفعني فيه)) مع أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يدع له كان هذا كلامًا باطلاً مع أن عثمان بن حنيف لم يأمره أن يسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - شيئًا ولا أن يقول ((فشفعه فيَّ)) ولم يأمره بالدعاء على وجهه وإنما أمره ببعضه، وليس هناك من النبي - صلى الله عليه وسلم - شفاعة ولا ما يظن أنه شفاعة فلو قال بعد موته ((فشفعه في)) لكان كلامًا لا معنى له، ولهذا لم يأمر به عثمان، والدعاء المأثور عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يأمر به، والذي أمر به ليس مأثور عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومثل هذا لا تثبت به شريعة كسائر ما ينقل عن آحاد الصحابة في حسن العبادات أو الإباحات أو الايجابات أو التحريمات إذا لم يوافقه غيره من الصحابة عليه، وكان ما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - يخالفه لا يوافقه لم يكن فعله سنة يجب على المسلمين إتباعها، بل غايته أن يكون ذلك مما يسوغ فيه الاجتهاد ومما تنازعت فيه الأمة فيجب رده إلى الله والرسول، ولهذا نظائر كثيرة ثم ذكرها، ثم قال (ص٨٦) : يجب فيما تنازع فيه الصحابة الرد إلى الله والرسول فلا يكون شريعة للأمة إلا ما شرعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومن قال من العلماء ((إن قول الصحابي حجة)) فإنما قاله إذا لم يخالفه غيره من الصحابة ولا عرف نص يخالفه، ثم إذا اشتهر ولم ينكروه كان إقراراً على القول فقد يقال هذا إجماع إقراري إذا عرف أنهم أقروه ولم ينكره أحد منهم وهم لا يقرون على باطل، وأما إذا لم يشتهر فهذا إن عرف أن غيره لم يخالفه فقد يقال هو حجة، وأما إذا عرف أنه خالفه فليس بحجة

<<  <  ج: ص:  >  >>