للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه. رواه مسلم.

٢٥٣٠- (٢) وعنه قال: سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أي العمل أفضل؟ قال: إيمان بالله ورسوله.

ــ

الهمة مصروفة عند سماع الأمر والنهي إلى فرض أمور قد تقع وقد لا تقع مع الإعراض عن القيام بمقتضي ما سمع فإن هذا مما يدخل في النهي فالتفقه في الدين إنما يحمد إذا كان للعمل لا للمراء والجدل وسيأتي بسط ذلك قريبًا، أي في باب ما يكره من كثرة السؤال وتكلف ما لا يعنيه من كتاب الاعتصام - انتهى. (وإذا نهيتكم عن شيء) ، أي من المحرمات (فدعوه) ، أي اتركوه كله، قال الحافظ: استدل بهذا الحديث على أن اعتناء الشرع بالمنهيات فوق اعتناءه بالمأمورات لأنه أطلق الاجتناب في المنهيات، ولو مع المشقة في الترك، وقيد في المأمورات بقدر الطاقة، وهذا منقول عن الإمام أحمد. فإن قيل: إن الاستطاعة معتبرة في النهي أيضًا إذا لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَاّ وُسْعَهَا فجوابه أن الاستطاعة تطلق باعتبارين كذا قيل. والذي يظهر أن التقييد في الأمر بالاستطاعة لا يدل على المدعي من الاعتناء به بل هو من جهة الكف إذ كل أحد قادر على الكف لولا داعية الشهوة مثلاً، فلا يتصور عدم الاستطاعة عن الكف بل كل مكلف قادر على الترك بخلاف الفعل، فإن العجز عن تعاطيه محسوس، فمن ثم قيد في الأمر بالاستطاعة دون النهي، وادعى بعضهم أن قوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} يتناول امتثال المأمور واجتناب المنهي، وقد قيد بالاستطاعة واستويا فحينئذٍ يكون الحكمة في تقييد الحديث بالاستطاعة في جانب الأمر دون النهي أن العجز يكثر تصوره في الأمر بخلاف النهي فإن تصور العجز فيه محصور في الاضطرار - انتهى (رواه مسلم) في الحج من طريق محمد بن زياد عن أبي هريرة، وكذا النسائي، وأحمد، وابن حبان، والطبري، والبيهقي (ج٤: ص٣٢٦) ، والدارقطني، وفي الباب عن ابن عباس، وسيأتي في الفصل الثاني، وعن علي عند الترمذي، وعن أبي أمامة عند الطبري، وعن أنس عند ابن ماجة، والحديث رواه البخاري من طريق آخر مختصرًا. أي من غير ذكر السبب في باب الإقتداء بسنن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من كتاب الاعتصام، ومسلم أيضًا في الفضائل، وأحمد (ج٢: ص٣١٢) ، والترمذي في العلم، وابن ماجة في السنة.

٢٥٣٠- قوله (سئل) بالبناء للمفعول، أبهم السائل وهو أبو ذر الغفاري وحديثه في العتق عند البخاري، (أي العمل) ، وفي رواية أي الأعمال وهو مبتدأ خبره (أفضل) ، أي أكثر ثوابًا عند الله تعالى (قال) ، أي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو (إيمان بالله ورسوله) نكر الإيمان ليشعر بالتعظيم والتفخيم، أي التصديق المقارن بالإخلاص المستتبع للأعمال الصالحة قال النووي: فيه تصريح بأن العمل يطلق على الإيمان والمراد به - والله أعلم - الإيمان الذي يدخل به في ملة الإسلام وهو التصديق بقلبه والنطق بالشهادتين، فالتصديق عمل القلب والنطق عمل اللسان ولا يدخل في الإيمان هنا الأعمال بسائر الجوارح: كالصوم، والصلاة، والحج، والجهاد وغيرها. لكونه جعل قسيمًا للجهاد والحج، ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: إيمان بالله

<<  <  ج: ص:  >  >>