شرحيه لمسلم والمهذب في هذه المسألة فلعله أراد في مذهب الشافعي، وإلا فالمعروف عند المالكية أن الشامي مثلاً إذا جاوز ذا الحليفة بغير إحرام إلى ميقاته الأصلي وهو الجحفة جاز له ذلك وإن كان الأفضل خلافه وبه قال الحنفية وأبو ثور وابن المنذر من الشافعية. . وقال الأبي المالكي بعد ذكر قول النووي ((وهذا لا خلاف فيه)) لعله يعني عندهم وأما عندنا فإنما ذلك لمن ليس ميقاته بين يديه كاليمني والعراقي والنجدي يمر أحدهم بذي الحليفة فإنه يحرم منها ولا يؤخره لأن ميقاته ليس بين يديه، وأما الشامي يمر بها فإنه يؤخر إلى الجحفة، لأنها ميقاته وهي بين يديه، نعم الأفضل له ذو الحليفة. قلت: فلا يصح الاعتذار الذي ذكره الحافظ والأبي مع وجود قول أبي ثور، وابن المنذر من الشافعية موافقًا للحنفية، والمالكية وقال ابن دقيق العيد: قوله: ((ولمن أتى عليهن من غير أهلهن)) عام فيمن أتى، يدخل تحته من ميقاته بين يدي هذه المواقيت التي مر بها ومن ليس ميقاته بين يديها. وقوله:((ولأهل الشام الجحفة)) عام بالنسبة إلى من يمر بميقات آخر أولاً، فإذا قلنا بالعموم الأول دخل تحته هذا الشامي الذي مر بذي الحليفة، فيكون له التجاوز إليها، فلكل واحد منهما عموم من وجه (لاجتماعهما فيمن مر وهو من أهلها وافتراقهما في شامي مر بميقاته لا غير فأحرم منه ولم يأت غيره، وفي شامي مثلاً أتى ميقات أهل المدينة ولم يأت غيره) فكما يحتمل أن يقال ((ولمن أتى عليهن من غير أهلهن)) مخصوص بمن ليس ميقاته بين يديه يحتمل أن يقال ((ولأهل الشام الجحفة، مخصوص بمن لم يمر بشيء من هذه المواقيت - انتهى. وقال الحافظ: قال ابن دقيق العيد: قوله ((ولأهل الشام الجحفة)) يشمل من مر من أهل الشام بذي الحليفة ومن لم يمر، وقوله:((ولمن أتى عليهن من غير أهلهن)) يشمل الشامي إذا مر بذي الحليفة وغيره. فها هنا عمومان قد تعارضا – انتهى ملخصًا. ثم أجاب الحافظ عن هذا التعارض فقال: ويحصل الانفكاك عنه بأن قوله ((هن لهن)) مفسر لقوله مثلاً ((وقت لأهل المدينة ذا الحليفة)) وأن المراد بأهل المدينة ساكنوها ومن سلك طريق سفرهم فمر على ميقاتهم، ويؤيده ((عراقي خرج من المدينة فليس له مجاوزة ميقات أهل المدينة غير محرم)) ويترجح بهذا قول الجمهور وينتفي التعارض. وقال الولي العراقي بعد ذكر كلام ابن دقيق العيد: لو سلك (أي: ابن دقيق العيد) ما ذكرته أولاً من أن المراد بأهل المدينة من سلك طريق سفرهم ومر على ميقاتهم، لم يرد هذا الإشكال ولم يتعارض هنا دليلان، ومن المعلوم أن من ليس بين يديه ميقات لأهل بلدته التي هي محل سكنه كاليمني يحج من المدينة ليس له مجاوزة ميقات أهل المدينة غير محرم، وذلك يدل على ما ذكرناه أنه ليس المراد بأهل المدينة سكانها وإنما المراد بأهلها من حج منها وسلك طريق أهلها، ولو حملناه على سكانها لوردت هذه الصورة وحصل الاضطراب في هذا فنفرق في الغريب الطارئ على المدينة مثلاً بين أن يكون بين يديه ميقات لأهل بلده أم لا، فنحمل