وحنين بالتصغير واد بينه وبين مكة ثلاثة أميال (في ذي القعدة) ، وهي العمرة الثالثة، وكانت في سنة ثمان بعد فتح مكة غزوة هوازن وغزوة الطائف. ويوم حنين هو: غزوة هوازن لما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الطائف، نزل الجعرانة فقسم بها غنائم هوازن، ثم اعتمر منها فدخل مكة بهذه العمرة ليلاً، فقضى عمرته ثم خرج منها تحت ليلته إلى الجعرانة فبات بها، فلما أصبح وزالت الشمس خرج منها في بطن سرف حتى جامع الطريق طريق المدينة بسرف، ومن ثم خفيت هذه العمرة على كثير من الناس، (وعمرة مع حجته) أي مقرونة مع حجته وهي: الرابعة التي قرنها بحجة الوداع سنة عشر، وهي أيضًا باعتبار إحرامها كانت في ذي القعدة، وفي الباب عن ابن عباس عند أحمد (ج١: ص٢٤٦، ٢٧٦) ، والترمذي و، أبي داود، وابن ماجة، وسكت عنه أبو داود، والمنذري. ورجاله كلهم ثقات. وعن عائشة عند أحمد، وأبي داود، والنسائي:((أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد اعتمر ثلاثًا سوى التي قرنها بحجة الوداع)) وقد سكت عنه أبو داود، والمنذري، وعن ابن عمر أنه سئل: كم اعتمر النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: أربع. الحديث أخرجه الشيخان وغيرهما. وهذه الأحاديث تدل على أنه - صلى الله عليه وسلم - اعتمر أربع عمر:(الأولى) : عمرة الحديبية سنة ست من الهجرة (والثانية) : عمرة القضاء في السنة السابعة (والثالثة) : عمرة الجعرانة في السنة الثامنة بعد فتح مكة (والرابعة) : كانت مع حجته سنة عشرة، وكلها كانت في ذي القعدة إلا الرابعة فكانت في ذي الحجة، هذا هو الصحيح الذي دلت عليه الأحاديث الصحيحة. وذهب إليه المحققون من المحدثين والفقهاء. وقد ورد ما يخالف ذلك في العدد كحديث البراء التالي وحديث ابن عمر أنه سئل: كم اعتمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال: مرتين. أخرجه أحمد (ج٢: ص٧٠) ، وأبو داود، والنسائي، وحديث عروة عن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اعتمر عمرتين عمرة في ذي القعدة، وعمرة في شوال. أخرجه أبو داود، وسكت عنه هو والمنذري. وحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اعتمر ثلاث عمر كل ذلك في ذي القعدة. أخرجه أحمد (ج٢: ص١٨٠) ، وفيه الحجاج بن أرطاة، وفيه كلام وقد وثق، وحديث عائشة عند أحمد بإسناد صحيح:((ما اعتمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا في ذي القعدة، ولقد اعتمر ثلاث عمر)) وحديث عروة عن عائشة أنه - صلى الله عليه وسلم - اعتمر ثلاث عمر، عمرتين في ذي القعدة، وعمرة في شوال. أخرجه سعيد بن منصور في سننه، والبيهقي (ج٤: ص٣٤٦) ، وقوى الحافظ إسناده وحديث أبي هريرة ((قال: اعتمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاث عمر كلها في ذي القعدة)) أخرجه البيهقي (ج٤: ص٣٤٥) ، وحديث جابر بمثل حديث أبي هريرة عند البزار، والطبراني في الأوسط. قال الهيثمي: ورجاله رجال الصحيح. وحديث عمر بن الخطاب قال: اعتمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاثًا قبل حجه في ذي القعدة. أخرجه الطبراني في الأوسط. قال الهيثمي: ورجاله ثقات إلا أن سعيد بن المسيب اختلف في سماعه من عمر. والجمع بين حديث أنس ومن وافقه وبين أحاديث هؤلاء الصحابة أن من قال مرتين لم يعد العمرة التي كانت مع حجته لأنها كانت مقرونة بحجه، وكانت في ذي الحجة كما تقدم، وكأنه لم يعد أيضًا العمرة الأولى