الحاكم والدارقطني، وهو حديث صحيح، صححه الحاكم، وأقره الذهبي. ومنهم عائشة، رواه الدارقطني، والبيهقي في السنن، والعقيلي في الضعفاء وأعله بعتاب بن أعين. ومنهم علي بن أبي طالب، وجابر، وابن مسعود، وعبد الله بن عمرو بن العاص، أخرج أحاديثهم الدارقطني أيضًا، وكلها ضعيفة ورواه سعيد بن منصور في سننه والبيهقي عن الحسن مرسلاً وسنده صحيح، ومن شاء الوقوف على تفصيل الكلام في هذه الأحاديث رجع إلى ((أضواء البيان)) للشنقيطي فإنه قد بسط الكلام فيها أخذًا عن ((نصب الراية)) وغيره. ثم قال: قال غير واحد: إن هذا الحديث لا يثبت مسندًا وأنه ليس له طريق صحيحة إلا الطريق التي أرسلها الحسن. قال الشنقطي: والذي يظهر لي - والله أعلم - أن حديث الزاد والراحلة المذكور ثابت لا يقل عند درجة الاحتجاج لأن الطريقين اللتين أخرجهما به الحاكم في المستدرك عن أنس قال: كلتاهما صحيحة الإسناد، وأقر تصحيحهما الحافظ الذهبي ولم يتعقبه بشيء، والدعوى على سعيد بن أبي عروبة، وحماد بن سلمة في روايتهما الحديث عن قتادة عن أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنها غلط، وأن الصحيح عن قتادة عن الحسن مرسلاً دعوى لا مستند لها، بل هي تغليط وتوهيم للعدول المشهورين من غير استناد إلى دليل، والصحيح عند المحققين من الأصوليين والمحدثين أن الحديث إذا جاء من طريق صحيحة وجاء من طرق أخرى غير صحيحة فلا تكون الطرق علة في الصحيحة إذا كان رواتها لم يخالفوا جميع الحفاظ، بل انفراد الثقة العدل بما لم يخالف فيه غيره مقبول عند المحققين، فرواية سعيد بن أبي عروبة، وحماد بن سلمة الحديث المذكورة عن قتادة عن أنس مرفوعًا لم يخالفوا فيها غيرهم بل حفظوا ما لم يحفظه غيرهم، ومن حفظ حجة على من لم يحفظ فادعاء الغلط عليهما بلا دليل غلط. وقول النووي في شرح المهذب: وروى الحاكم حديث أنس وقال: هو صحيح، ولكن الحاكم متساهل، والله أعلم - يجاب عنه: بأنا لو سلمنا أن الحاكم متساهل في التصحيح، لا يلزم من ذلك أنه لا يقبل له تصحيح مطلقًا، ورب تصحيح للحاكم مطابق للواقع في نفس الأمر، وتصحيحه لحديث أنس المذكور لم يتساهل فيه، ولذا لم يبد النووي وجهًا لتساهله فيه، ولم يتكلم في أحد من رواته بل هو تصحيح مطابق. فإن قيل: متابعة حماد بن سلمة لسعيد بن أبي عروبة المذكورة راويها عن حماد هو أبو قتادة عبد الله بن واقد الحراني وهو متروك لا يحتج بحديثه، كما جزم به غير واحد من العلماء بالرجال، وقال فيه ابن حجر في التقريب: متروك فقد تساهل الحاكم في قوله: إن هذه الطريق على شرط مسلم مع أن في إسنادها أبا قتادة المذكور. فالجواب أن أبا قتادة المذكور وإن ضعفه الأكثرون فقد وثقه الإمام أحمد وأثنى عليه وناهيك بتوثيق الإمام أحمد وثنائه، وذكر ابن حجر والذهبي أن عبد الله بن أحمد قال لأبيه: إن يعقوب بن إسماعيل بن صبيح ذكر أن أبا قتادة المذكور كان يكذب، فعظم ذلك عنده جدًا وأثنى عليه، وقال: إنه يتحرى الصدق. قال: ولقد رأيته يشبه أصحاب الحديث. وقال أحمد في موضع آخر: ما به بأس، رجل صالح، يشبه أهل النسك ربما أخطأ. وفي