للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

..............................................................................................

ــ

تنبيه: إذا مات الشخص ولم يحج وكان الحج قد وجب عليه لاستطاعته بنفسه أو بغيره عند من يقول بذلك وكان قد ترك مالاً فهل يجب أن يحج ويعتمر عنه من ماله؟ في ذلك خلاف بين أهل العلم، فقال بعضهم: يجب أن يحج ويعتمر عنه من تركته سواء مات مفرطًا أو غير مفرط، لكون الموت أعجله عن الحج فورًا. وبهذا قال الشافعي وأحمد. قال ابن قدامة: وبهذا قال الحسن وطاوس والشافعي. وقال أبو حنيفة ومالك: يسقط بالموت، فإن أوصى بذلك فهو في الثلث، وبهذا قال الشعبي والنخعي لأنه عبادة بدنية فتسقط بالموت كالصلاة، واحتجوا أيضًا بأن ظاهر القرآن كقوله: {وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} مقدم على ظاهر الأحاديث بل على صريحها لأنه أصح منها، وأجاب الأولون بأن الأحاديث مخصصة بعموم القرآن، وبأن المعضوب وجب عليه الحج بسعيه بتقديم المال وأجرة من يحج عنه، فهذا من سعيه، وأجابوا عن قياسه على الصلاة بأنها لا تدخلها النيابة بخلاف الحج والذين قالوا: يجب أن يحج عنه من رأس ماله، واستدلوا بأحاديث جاءت في ذلك تقتضي أن مات وقد وجب عليه الحج قبل موته أنه يحج عنه، منها:حديث ابن عباس عند البخاري المتقدم في الفصل الأول، ومنها: حديث ابن عباس عند البخاري أيضًا: أن امرأة من جهينة جاءت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: إن أمي نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت أفأحج عنها؟ قال: نعم حجي عنها، أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته؟ اقضوا الله، فالله أحق بالوفاء. والحج في هذين الحديثين وإن كان منذورًا فإيجاب الله له على عباده في كتابه أقوى من إيجابه بالنذر مع أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بقضائها وشبهها بدين الآدمي، قال المجدي في المنتقى بعد أن أشار لحديث البخاري الأول: وهو يدل على صحة الحج عن الميت من الوارث وغيره حيث لم يستفصله أوارث هو أو لا؟ وشبهه بالدين - انتهى. وقد تقرر في الأصول أن عدم الاستفصال من النبي - صلى الله عليه وسلم - أي طلب التفصيل في أحوال الواقعة ينزل منزلة العموم القولي، وخالف في هذا الأصل أبو حنيفة كما هو مقرر في الأصول. ومنها: ما رواه النسائي في سننه بسند صالح للاحتجاج عن ابن عباس قال: قال رجل: يا رسول الله! إن أبي مات ولم يحج، أفأحج عنه؟ قال أرأيت لو كان على أبيك دين أكنت قاضيه؟ قال نعم، قال: فدين الله أحق. ومنها: ما رواه النسائي أيضًا بسند صحيح أن ابن عباس قال: أمرت امرأة سنان بن سلمة الجهني أن تسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أمها ماتت ولم تحج أفيجزئ عن أمها أن تحج عنها؟ قال: نعم، لو كان على أمها دين فقضته عنها ألم يكن يجزئ عنها؟ فلتحج عن أمها. ومنها: ما رواه الدارقطني عن ابن عباس قال: أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - رجل فقال: إن أبي مات وعليه حجة الإسلام، أفأحج عنه؟ قال: أرأيت لو أن أباك ترك دينًا عليه أقضيته عنه؟ قال: نعم، قال فاحجج عن أبيك. ومنها: حديث بريدة الأسلمي عند أحمد، ومسلم وغيرهما أن امرأة أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: إن أمي قد ماتت ولم تحج فيجزئها أن أحج عنها قال: نعم - الحديث. ومنها: حديث أنس بن مالك عند البزار والطبراني بنحو حديث ابن عباس

<<  <  ج: ص:  >  >>