ليس في شيء من طرق حديث عائشة أن عين الطيب بقيت. وأجيب عن ذلك بأن دعوى أن التطيب للنساء، يرده صريح الحديث في قولها:((طيبته لإحرامه)) وادعاء أن اللام للتوقيت خلاف الظاهر، وادعاء أن الطيب زال بالغسل قبل الإحرام، ترده الروايات الصريحة عن عائشة أنها كانت تنظر إلى وبيص الطيب في مفرقه - صلى الله عليه وسلم - وهو محرم، لأن الوبيص في اللغة: البريق، واللمعان، وهو وصف وجودي، والوصف الوجودي لا يوصف به المعدوم وإنما يوصف به الموجود، فدل على أن الطيب الموصوف بالوبيص موجود بعينه، وهو يرد قول ابن العربي:((أنه لم يرد في شيء من طرق حديث عائشة أن عين الطيب بقيت)) ويؤيده ما رواه أبو داود في سننه. قال النووي: بإسناد حسن، من طريق عائشة بنت طلحة عن عائشة رضي الله عنها قالت: كنا نخرج مع النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى مكة فنضمد جباهنا بالمسك المطيب عند الإحرام، فإذا عرقت إحدانا سال علو وجهها، فيراه النبي - صلى الله عليه وسلم - فلا ينهانا. والمسك بضم السين وتشديد الكاف نوع من الطيب يضاف إلى غيره من الطيب ويستعمل، فهذا حجة في جواز بقاء عين الطيب في المحرم بعد الإحرام إن كان استعماله للطيب يضاف إلى غيره من الطيب ويستعمل، فهذا حجة في جواز بقاء عين الطيب في المحرم بعد الإحرام إن كان استعماله للطيب قبل الإحرام. قال الحافظ: يرد دعوى أنه لم يبق للطيب أثر بعد الغسل، قوله في رواية أخرى للحديث المذكور: ثم أصبح محرمًا ينضح طيبًا، فهو ظاهر في أن نضح الطيب وهو ظهور رائحته كان في حال إحرامه ودعوى بعض المالكية أن فيه تقديمًا وتأخيرًا، والتقدير: طاف على نسائه ينضح طيبًا، ثم أصبح محرمًا، خلاف الظاهر. ويرده قوله في رواية عند مسلم: كان إذا أراد أن يحرم يتطيب بأطيب ما يجد، ثم أراه في رأسه ولحيته بعد ذلك، وللنسائي وابن حبان: رأيت الطيب في مفرقه بعد ثلاث وهو محرم وقال بعض المالكية: إن الوبيص كان بقايا الدهن المطيب الذي تطيب به فزال وبقى أثره من غير رائحة، ويرده قول عائشة:((ينضح طيبًا)) وقال بعضهم: بقى أثره لا عينه. قال ابن العربى: ليس في شتى من طرق حديث عائشة أن عينه بقيت - انتهى. ثم ذكر الحافظ حديث عائشة بنت طلحة عن عائشة وقال: فهذا صريح في بقاء عين الطيب ولا يقال: إن ذلك خاص بالنساء لأنهم أجمعوا على أن الرجال والنساء سواء في تحريم استعمال الطيب إذا كانوا محرمين. وقال بعضهم: كان ذلك طيبًا لا رائحة له تمسكًا برواية الأوزاعي عن الزهري عن عروة عن عائشة: ((بطيب لا يشبه طيبكم)) قال بعض رواته: يعني لا بقاء له. أخرجه النسائي. ويرد هذا التأويل ما في الذي قبله، ولمسلم من رواية منصور بن زاذان عن عبد الرحمن بن القاسم: بطيب فيه مسك. وله من طريق الحسن بن عبيد الله عن إبراهيم: كأني أنظر إلى وبيص المسك. وللشيخين من طريق عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه:((بأطيب ما أجد)) وللطحاوي، والدارقطني من طريق نافع عن ابن عمر عن عائشة:((بالغالية الجيدة)) وهذا يدل على أن قولها: ((بطيب لا يشبه طيبكم)) أي أطيب منه، لا كما فهمه القائل يعني ليس له بقاء - انتهى. ومنها: أن ذلك التطيب خاص به - صلى الله عليه وسلم - وأجيب عن ذلك بأن حديث عائشة بنت طلحة عن عائشة المتقدم نص في عدم خصوص ذلك به