للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

..............................................................................................

ــ

من هذا السفر إلا الحج بأحد أنواعه من القران والتمتع والإفراد فمنا من أفرد ومنَّا من قرن ومنَّا من تمتع - انتهى. وأما ما وقع عند مسلم وغيره من رواية ابن شهاب عن عروة عن عائشة قالت: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام حجة الوداع فأهللنا بعمرة، فقال الزرقاني: أي أدخلناها على الحج بعد أن أهللنا به ابتداء، وهو إخبار عن حالها، وحال من كان مثلها في الإهلال بعمرة لا عن فعل جميع الناس، فلا ينافي قولها: ((فمنَّا من أهل بعمرة ومنَّا من أهل بالحج، ومنَّا من أهل بحج وعمرة)) وفيه أن عائشة لم تكن ممن أهل بالحج ابتداءً، وقد تظافرت الروايات الواردة في هذا الباب على أنها كانت معتمرة ابتداءً، ولما شكت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - أنها لم تطف أمرها برفض عمرتها، فانتقلت إلى الإفراد أو أدخلت عليها الحج وصارت قارنة. وقال الباجي: قولها ((فأهللنا بعمرة)) يحتمل أن تريد بذلك أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -، ويحتمل أن تريد من كان معها أو طائفة أشارت إليهم، ولا يصح أن تريد جماعة أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - لأنها قد ذكرت أن منهم من أهل بعمرة ومنهم من جمع بين العمرة والحج ومنهم من أهل بحج - انتهى. واعلم أنه اختلفت الروايات في إحرام عائشة في نفسها اختلافًا كثيرًا، ولذلك اختلف أهل العلم في إحرامها ابتداءً وانتهاءً هل أحرمت بالحج فقط فكانت مفردة، أو أحرمت بالعمرة فكانت متمتعة، وعلى الثاني هل فسخت العمرة وأهلت بالحج مفردًا أو قرنت العمرة مع الحج قال ابن القيم في الهدي (ج١: ص٢٠٤) : قد تنازع العلماء في قصة عائشة هل كانت متمتعة أو مفردة فإذا كانت متمتعة، فهل رفضت عمرتها وانتقلت إلى الإفراد أو أدخلت عليها الحج وصارت قارنة، وهل العمرة التي أتت بها من التنعيم كانت واجبة أم لا، وإذا لم تكن واجبة فهل هي مجزية عن عمرة الإسلام أم لا؟ واختلف العلماء في مسألة مبنية على قصة عائشة، وهى أن المرأة إذا أحرمت بالعمرة فحاضت ولم يمكنها الطواف قبل التعريف فهل ترفض الإحرام بالعمرة وتهل بالحج مفردًا أو تدخل الحج على العمرة وتصير قارنة؟ فقال بالقول الأول فقهاء الكوفة منهم: أبو حنيفة وأصحابه رحمهم الله، وبالثاني فقهاء الحجاز منهم: الشافعي، ومالك رحمهما الله، وهو مذهب أهل الحديث كالإمام أحمد رحمه الله وأتباعه، ثم ذكر ابن القيم دليل الكوفيين وبسط الكلام في الرد عليه هذا، وقد تصدى الشيخ محمد عابد السندي وغيره من الحنفية لتقوية مذهبهم، والجواب عن حجة فقهاء الحجاز لكنهم لم يأتوا بشيء غير تأويلات بعيدة وقال الأبي في الإكمال: اختلفت الروايات في إحرام عائشة ففي رواية عروة عنها: ((أهللنا بعمرة)) وفي رواية القاسم عنها: ((لبينا بالحج)) وفي روايته الأخرى عنها: ((لا نعرف إلا الحج)) وهذا كله صريح في أنها أهلت بالحج، وفي رواية الأسود عنها: ((ملبين لا نذكر حجًا ولا عمرة)) واختلف العلماء في الكلام على حديث عائشة فقال إسماعيل القاضي: إنها كانت مهلة بالحج لأنها رواية الأكثر عن عمرة، والقاسم، والأسود، وغلطوا رواية عروة، ورجحوا ذلك أيضاً بأن عروة قال في رواية حماد: حدثني غير واحد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لها: دعي عمرتك. فقد بان أنه لم يسمع الحديث منها، ولا بيان فيه لأحد

<<  <  ج: ص:  >  >>