للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

..............................................................................................

ــ

ممن حدثه ذلك، قالوا وأيضاً: فإن رواية عمرة، والقاسم ساقت عمل عائشة في الحج من أوله إلى آخره، ولذا قال القاسم عن رواية عمرة: أتتك بالحديث على وجهه - انتهى. قلت: وقع عند البخاري من رواية هشام، وابن شهاب عن عروة عن عائشة قالت: وكنت ممن أهل بعمرة، وهي نص في كونها معتمرة ابتداء، وقد رد الحافظ على من ادعى كون رواية عروة غلطًا فرجح رواية القاسم ومن وافقه على رواية عروة، قال الحافظ: ادعى إسماعيل القاضي وغيره أن هذا غلط من عروة، وأن الصواب رواية الأسود والقاسم وعمر عنها أنها أهلت بالحج مفردًا، وتعقب بأن قول عروة عنها: ((أهلت بعمرة)) صريح، وأما قول الأسود وغيره عنها: ((لا نرى إلا الحج)) فليس صريحًا في إهلالها بحج مفرد، فالجمع بينهما ما تقدم (بأن المذكور في روايتهم ما كانوا يعهدون من ترك الاعتمار في أشهر الحج، فخرجوا لا يعرفون إلا الحج، ثم بين لهم النبي - صلى الله عليه وسلم - وجوه الإحرام) من غير تغليط عروة وهو أعلم الناس بحديثها، وقد وافقه جابر بن عبد الله الصحابي كما أخرجه مسلم عنه، وكذا رواه طاوس، ومجاهد عن عائشة، ثم قال الحافظ: ويحتمل في الجمع أيضاً أن يقال: أهلت عائشة بالحج مفردًا كما فعل غيرها من الصحابة وعلى هذا يتنزل حديث الأسود ومن تبعه. ثم أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه أن يفسخوا الحج إلى العمرة ففعلت عائشة ما صنعوا فصارت متمتعة، وعلى هذا يتنزل حديث عروة , ثم لما دخلت مكة وهي حائض فلم تقدر على الطواف لأجل الحيض أمرها أن تحرم بالحج - انتهى. قلت: في هذا الجمع نظر من وجوه، منها أن ألفاظ روايات عروة صريحة في أنها لم تهلل أولاً إلا بعمرة، فلفظ البخاري من رواية عقيل عن الزهري عن عروة عن عائشة: خرجنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع فمنا من أهل بعمرة ومنَّا من أهل بحج - الحديث. وفيه: ((ولم أهلل إلا بعمرة فأمرني النبي - صلى الله عليه وسلم - أن أنفض رأسي وأهل بالحج وأترك العمرة ففعلت ذلك - الحديث. فهذا نص في أنها لم تحرم أولاً إلا بعمرة، ومنها أنه يخالف هذا الجمع حديث جابر عند مسلم: قال أقبلنا مهلين مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بحج مفرد، وأقبلت عائشة بعمرة حتى إذا كانت بسرف عركت، حتى إذا قدمنا طفنا بالكعبة والصفا والمروة، فأمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - آن يهل منَّا من لم يكن معه هدي - الحديث. وقد بسط ابن القيم الكلام في الرد على إسماعيل القاضي ومن وافقه وحقق أن عائشة كانت ممن أهل بعمرة ابتداء حيث قال: اختلف الناس فيما أحرمت به عائشة أولاً على قولين أحدهما: أنه عمرة مفردة، وهذا هو الصواب لما ذكرنا من الأحاديث، وفي الصحيح عنها: ((قالت خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع موافين (أي مقارنين) لهلال ذي الحجة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من أراد منكم أن يهل بعمرة فليهل، فلولا أني أهديت لأهلت بعمرة، قالت: وكان من القوم من أهل بعمرة، ومنهم من أهل بالحج، قالت: فكنت أنا ممن أهل بعمرة)) وذكرت الحديث. وقوله في الحديث ((دعي العمرة وأهلي بالحج)) قاله لها بسرف وهو صريح في أن إحرامها كان بعمرة، والقول الثاني: أنها أحرمت أولاً بالحج وكانت مفردة، قال ابن

<<  <  ج: ص:  >  >>