للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

توجهوا إلى منى، فأهلوا بالحج، وركب النبي - صلى الله عليه وسلم - فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، ثم مكث قليلاً حتى طلعت الشمس، وأمر بقبة من شعر تضرب له بنمرة،

ــ

تروى فيه أي تفكر في ذبح ولده وأنه كيف يصنع، تنبيه: لستة أيام متوالية من أيام ذي الحجة أسماء، فاليوم الثامن: يوم التروية، واليوم التاسع: عرفة، والعاشر: النحر، والحادي عشر: القَرّ – بفتح القاف وتشديد الراء – لأنهم يقرون فيه بمنى، والثاني عشر: يوم النفر الأول، والثالث عشر: النفر الثاني (توجهوا) أي أرادوا التوجه (إلى منى) ينون، وقيل: لا ينون. فيكتب بالألف، سميت به لأنه يمنى الدماء في أيامها أي يراق ويسفك، أو لأنه يعطي الحجاج مناهم لإكمال أفعال الحج فيها (فأهلوا بالحج) أي من البطحاء كما في رواية لأحمد والشيخين والطحاوي والبيهقي، يعني أحرم به من كان خرج عن إحرامه بعد الفراغ من العمرة، وفي رواية لأحمد ((حتى إذا كان يوم التروية وأرادوا التوجه إلى منى أهلوا بالحج)) قال المحب الطبري: فيه بيان وقت إهلال أهل مكة والمتمتعين. وفيه إشارة إلى أن المحرم من مكة لا يقدم طوافه وسعيه لأنه إذا اشتغل بذلك لا يسمى متوجهًا. قال النووي: والأفضل عند الشافعي وموافقيه أن من كان بمكة وأراد الإحرام بالحج أحرم يوم التروية عملاً بهذا الحديث. وفيه بيان أن السنة أن لا يتقدم أحد إلى منى من قبل يوم التروية. وقد كره مالك ذلك. وقال بعض السلف: لا بأس به. ومذهبنا أنه خلاف السنة – انتهى. (وركب النبي - صلى الله عليه وسلم -) أي حين طلوع الشمس من يوم التروية وسار من مكة إلى منى (فصلى بها) أي بمنى في موضع مسجد الخيف (الظهر والعصر) إلخ. كل صلاة لوقتها (ثم مكث) أي لبث بعد أداء الفجر (قليلاً حتى طلعت الشمس) فيه أن السنة أن لا يخرجوا من منى حتى تطلع الشمس. وهذا متفق عليه. ومبيته - صلى الله عليه وسلم - بمنى وصلاته تلك الصلوات بها دليل على استحباب ذلك، وهذا المبيت أجمع أهل العلم على الفرق بينه وبين مبيت ليالي منى فأوجبوا على تارك ذلك ما أوجبوا، ولم يوجبوا على تارك المبيت بمنى ليلة عرفة أي ليلة التاسع من ذي الحجة شيئًا، قاله ابن المنذر. وقال النووي: هذا المبيت سنة ليس بركن ولا واجب فلو تركه فلا دم عليه بالإجماع – انتهى. (وأمر بقبة) عطف على ((ركب)) أو حال، أي وقد أمر بضرب خيمة بنمرة قبل قدومه إليها (من شعر) بفتح العين وسكونها (تضرب له) بصيغة المجهول (بنمرة) بفتح النون وكسر الميم وفتح الراء المهملة، وهو غير منصرف، موضع على يمين الخارج من المازمين إذا أراد الموقف. وقال الطيبي: هو موضع بجنب عرفات وليس من عرفات. وقال في اللمعات: اسم موضع قريب عرفات، وهي منتهى أرض الحرم، وكان بين الحل والحرم – انتهى. قال الأبي: لما أراد - صلى الله عليه وسلم - أن يظهر مخالفة الجاهلية أراد أن يظهر ذلك ابتداء ليتأهبوا لذلك. وقال النووي: في هذا الحديث جواز الاستظلال للمحرم بقبة وغيرها. ولا خلاف في جوازه للنازل. واختلفوا في جوازه للراكب، فمذهبنا جوازه، وبه قال كثيرون، وكرهه مالك وأحمد، وفيه جواز اتخاذ القباب وجوازها من شعر - انتهى. وقال المحب

<<  <  ج: ص:  >  >>