للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فسار رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا تشك قريش إلا أنه واقف عند المشعر الحرام، كما كانت قريش تصنع في الجاهلية، فأجاز رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أتى عرفة،

ــ

الطبري: وفي أمره - صلى الله عليه وسلم - بضرب القبة في نمرة دليل على الرخصة في حجز المواضع من الصحاري وأشباهها حيث لا ضرر على أحد في ذلك الغزو والحج وسائر الأسفار، وقال النووي أيضًا: فيه استحباب النزول بنمرة إذا ذهبوا من منى لأن السنة أن لا يدخلوا عرفات إلا بعد زوال الشمس وبعد صلاتي الظهر والعصر جمعًا، فالسنة أن ينزلوا بنمرة، فمن كان له قبة ضربها ويغتسلون للوقوف قبل الزوال، فإذا زالت الشمس سار بهم الإمام إلى مسجد إبراهيم عليه السلام وخطب لهم خطبتين خفيفتين، ويخفف الثانية جدًا، فإذا فرغ منها صلى بهم الظهر والعصر جامعًا بينهما، فإذا فرغ من الصلاة سار إلى الموقف – انتهى. (فسار رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أي من منى إليها (ولا تشك قريش إلا أنه واقف عند المشعر الحرام) . قال الزرقاني في شرح المواهب: ظاهره أنه ليس لقريش شك في شيء إلا في وقوفه عند المشعر، فإنهم يشكون فيه، وليس المراد ذلك بل عكسه، وهو أنهم لا يشكون في أنه - صلى الله عليه وسلم - سيقف عند المشعر الحرام على ما كانت عادتهم من وقوفهم به، ويقف سائر الناس بعرفة فقال الأبي: الأظهر في ((إلا)) أنها زائدة و ((أن)) في موضع النصب على إسقاط الجار، أي ولا يشك قريش في أنه واقف عند المشعر – انتهى. وقيل الشك ها هنا بمعنى الظن أي لا تظن قريش إلا أنه يقف عند المشعر لأنه من مواقف الحمس وأهل حرم الله. وقال الطيبي: أي ولم يشكوا في أنه يخالفهم في المناسك بل تيقنوا بها إلا في الوقوف فإنهم جزموا بأنه يوافقهم فيه، فإن أهل الحرم كانوا يقفون عند المشعر الحرام، وهو جبل في المزدلفة، يقال له قزح، وعليه جمهور المفسرين والمحدثين، وقيل إنه كل المزدلفة وهو بفتح العين وقيل بكسرها، ذكره النووي (كما كانت قريش تصنع في الجاهلية) معناه أن قريشًا كانت في الجاهلية تقف بالمشعر الحرام، وكان سائر العرب يتجاوزون المزدلفة ويقفون بعرفات فظنت قريشًا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - يقف في المشعر الحرام على عادتهم ولا يتجاوزه، فتجاوزه - صلى الله عليه وسلم - إلى عرفات لأن الله تعالى أمره بذلك في قوله {ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس} (٢: ١٩٩) أي سائر العرب غير قريش، وإنما كانت قريش تقف بالمزدلفة لأنها من الحرم، وكانوا يقولون: نحن أهل حرم الله فلا نخرج منه. وقد يتوهم أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يوافقهم قبل البعثة، وليس كذلك لما جاء في بعض الأحاديث الصحيحة صريحًا أنه كان يقف مع عامة الناس قبل النبوة أيضًا (فأجاز رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) قال النووي: معناه جاوز المزدلفة ولم يقف بها، بل توجه إلى عرفات (حتى أتى عرفة) أي قاربها، لأنه فسره بقوله ((وجد القبة قد ضربت بنمرة فنزل بها)) وقد سبق أن نمرة ليست من عرفات، وقد قدمنا أن دخول عرفات قبل صلاتي الظهر والعصر جمعًا خلاف السنة. وقال الطبري: الظاهر أن المراد بإتيان عرفة القرب منها، فإن نمرة دونها، وسميت عرفة بذلك لتعريف جبرئيل إبراهيم المناسك، وقيل لمعرفة آدم حواء هناك، أو

<<  <  ج: ص:  >  >>