للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

متفق عليه.

٢٥٨٩ – (٥) وعنه، قال: رمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -

ــ

إعزاز الإسلام وأهله – انتهى. وقال الشاه ولي الله الدهلوي: إن مشروعية الرمل والاضطباع في الطواف لمعان، منها ما ذكره ابن عباس من إخافة قلوب المشركين وإظهار صولة المسلمين، وكان أهل مكة يقولون: وهنتهم حمى يثرب، فهو فعل من أفعال الجهاد، وهذا السبب قد انقضى ومضى، ومنها تصوير الرغبة في طاعة الله وأنه لم يزده السفر الشاسع والتعب العظيم إلا شوقًا ورغبة كما قال الشاعر:

إذا اشتكت من كلال السير واعدها _ ... روح الوصال فتحيى عند ميعاد

وكان عمر رضي الله عنه أراد أن يترك الرمل والاضطباع لانقضاء سببهما، ثم تفطن إجمالاً أن لهما سببًا آخر غير منقض فلم يتركهما – انتهى. وفي الحديث دليل لما أجمع عليه العلماء من مشروعية صلاة ركعتين بعد الطواف واختلفوا هل هما واجبتان أم سنتان، والصحيح عند الحنفية أنهما واجبتان، والأصح عند الشافعية أنهما سنة. واستدل للوجوب بصيغة الأمر في قوله تعالى: {اتخذوا من مقام إبراهيم مصلى} (٢: ١٢٥) على قراءة ابن كثير وأبي عمرو وعاصم وحمزة والكسائي. قيل: والنبي - صلى الله عليه وسلم - لما طاف قرأ هذه الآية الكريمة وصلى ركعتين خلف المقام ممتثلاً بذلك الأمر، وقد قال - صلى الله عليه وسلم - ((خذوا عني مناسككم)) والأمر في قوله ((واتخذوا)) على القراءة المذكورة يقتضى الوجوب. وأجيب عن ذلك الاستدلال بأن الأمر في الآية إنما هو باتخاذه المصلى لا بالصلاة، وقد قال: الحسن البصري وغيره أن قوله ((مصلى)) أي قبلة، ولا يخفى ما في هذا الجواب من التعسف، واستدل لعدم الوجوب بحديث ضمام بن ثعلبة لما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد أن أخبره بالصلوات الخمس: هل عليَّ غيرها؟ قال: لا إلا أن تطوع، ففي هذا الحديث التصريح بأنه لا بجب شيء من الصلاة غير الخمس المكتوبة. وقد يجاب عن هذا الاستدلال بأن الأمر بصلاة ركعتي الطواف وارد بعد قوله - صلى الله عليه وسلم -: لا إلا أن تطوع، قال النووي: وفي قوله ((ثم يطوف بين الصفا والمروة)) دليل على وجوب الترتيب بين الطواف والسعي، وأنه يشترط تقدم الطواف على السعي، فلو قدم السعي لم يصح السعي، وهذا مذهبنا ومذهب الجمهور، وفيه خلاف ضعيف لبعض السلف (متفق عليه) وأخرجه أيضًا أحمد وأبو داود والنسائي والبيهقي.

٢٥٨٩- قوله (رَمَل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) الرَّمَل بفتح الراء والميم في الاسم والفعل الماضي: سرعة المشي مع تقارب في الخطو، والخبب هو الإسراع في المشي مع هز المنكبين دون وثب هكذا فسره أكثر المفسرين. وقال بعضهم: الخبب هو وثب في المشي مع هز المنكبين، والهرولة ما بين المشي والعدو، والسعي يقع على الجميع، فلهذا يقال سعي خفيف وسعي شديد فيحمل السعي المذكور في الحديث المتقدم على الرمل والخبب جمعًا بينهما، هكذا ذكره الطبري وقال

<<  <  ج: ص:  >  >>