رواه الترمذي، والنسائي، والدارمي، وذكر الترمذي جماعة وقفوه على ابن عباس.
ــ
إلى العلم والدين فإنه إذا أنكر على من دونه احتج به فصار فتنة لكل مفتون، ومن آثر محادثة المخلوق في أمر الدنيا والإقبال عليه والإصغاء لحديثه على ذكر خالقه والإقبال عليه وعلى ما هو متلبس به من عبادته فهو غبين الرأي، لأن طوافه بجسده وقلبه لاه ساه قد غلب عليه الخوض فيما لا يعنيه حتى استرسل في عبادته كذلك، فهو إلى الخسران أقرب منه إلى الربح، ومثل هذا خليق بأن يشكوه البيت إلى الله عز وجل وإلى جبريل، ولعل الملائكة تتأذى به، وكثير من الطائفين يتبرمون منه، فعلى الطائف أن يبذل جهده في مجانبة ذلك – انتهى. والحديث رواه أحمد من طريق حسن بن مسلم عن طاوس عن رجل أدرك النبي - صلى الله عليه وسلم - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:" إنما الطواف صلاة، فإذا طفتم فأقلوا الكلام ". ورواه النسائي من هذا الطريق موقوفًا، ثم رواه من طريق حنظلة بن أبي سفيان عن طاوس، قال: قال عبد الله بن عمر: أقلوا الكلام في الطواف فإنما أنتم في الصلاة. وقوله ((فأقلوا الكلام)) أي فلا تكثروا فيه الكلام، وإن كان جائزًا، لأن مماثلته للصلاة تقتضي أن لا يتكلم فيه أصلاً كما لا يتكلم فيه الصلاة، فحين أباح الله تعالى فيه الكلام رحمة منه تعالى على العبد فعليه أن يشكر الله عز وجل ولا يكثر فيه الكلام ولا يتكلم إلا بخير أو لضرورة (رواه الترمذي والنسائي والدارمي) واللفظ للترمذي، وأخرجه أيضًا الحاكم (ج ١: ص ٤٥٩) والدارقطني وابن خزيمة وابن حبان والبيهقي وغيرهم، وفي قول المصنف ((والنسائي)) نظر، فإن الحديث عنده من طريق طاوس موقوف ولم يسم الصحابي كما تقدم (وذكر الترمذي جماعة وقفوه على ابن عباس) قلت: قال الترمذي بعد رواية الحديث من طريق جرير عن عطاء بن السائب عن طاوس عن ابن عباس مرفوعًا ما لفظه ((وقد رُوي عن ابن طاوس وغيره عن طاوس عن ابن عباس موقوفًا، ولا نعرفه مرفوعًا إلا من حديث عطاء بن السائب)) – انتهى. قال الحافظ في التلخيص: الحديث رواه الترمذي والحاكم والدارقطني من حديث ابن عباس، وصححه ابن السكن وابن خزيمة وابن حبان. وقال الترمذي: رُوي مرفوعًا وموقوفًا، ولا نعرفه مرفوعًا إلا من حديث عطاء ومداره على عطاء بن السائب عن طاوس عن ابن عباس. واختلف في رفعه ووقفه ورجح الموقوف النسائي والبيهقي وابن الصلاح والمنذري والنووي، وزاد أن رواية الرفع ضعيفة، وفي إطلاق ذلك نظر، فإن عطاء بن السائب صدوق، وإذا رُوي عنه الحديث مرفوعًا تارة وموقوفًا أخرى فالحكم عند هؤلاء الجماعة للرفع، والنووي ممن يعتمد ذلك ويكثر منه، ولا يلتفت إلى تعليل الحديث به إذا كان الرافع ثقة فيجيء على طريقته أن المرفوع صحيح، فإن اعتل عليه بأن عطاء بن السائب اختلط ولا تقبل إلا رواية من رواه عنه قبل اختلاطه، أجيب بأن الحاكم أخرجه من رواية سفيان الثوري عنه، والثوري ممن سمع قبل اختلاطه باتفاق، وإن كان الثوري قد اختلف عليه في وقفه ورفعه. فعلى طريقتهم تقدم رواية الرفع أيضًا، والحق أنه.