للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

..................................................................................

ــ

الخرقي: من ساق هديًا واجبًا فعطب دون محله صنع به ما شاء وعليه مكانه، قال ابن قدامة (ج ٣: ص ٥٣٤) الواجب من الهدي قسمان: أحدهما وجب بالنذر في ذمته، والثاني وجب بغيره، كدم التمتع والقرآن والدماء الواجبة بترك واجب أو فعل محظور، وجميع ذلك ضربان، أحدهما أن يسوقه ينوي به الواجب الذي عليه من غير أن يعينه بالقول، فهذا لا يزول ملكه عنه إلا بذبحه ودفعه إلى أهله، وله التصرف فيه بما شاء من بيع وهبة وأكل وغير ذلك، وإن عطب تلف من ماله، وإن تعيب لم يجزئه ذبحه، وعليه الهدي الذي كان واجبًا، الضرب الثاني أن يعين الواجب عليه بالقول فيقول: هذا الواجب عليّ، فإنه يتعين الوجوب فيه من غير أن تبرأ الذمة منه، فإن عطب أو سرق أو ضل أو نحو ذلك لم يجزه وعاد الوجوب إلى ذمته وهذا كله لا نعلم فيه مخالفًا، ورُوي عن أحمد أنه يذبح المعيب وما في ذمته جميعًا، ولا يرجع المعين إلى ملكه. ثم قال الخرقي: وإن ساقه تطوعًا نحره موضعه وخلى بينه وبين المساكين ولم يأكل منه هو ولا أحد من أهل رفقته ولا بدل عليه، قال ابن قدامة (ج ٣: ص ٥٣٧) : من تطوع بهدي غير واجب لم يخل من حالين: أحدهما أن ينوي به هديًا ولا يوجب بلسانه ولا بإشعاره وتقليده، فهذا لا يلزمه إمضاؤه وله أولاده ونماؤه والرجوع فيه متى شاء ما لم يذبحه لأنه نوى الصدقة بشيء من ماله فأشبه ما لو نوى الصدقة بدرهم. الثاني أن يوجب بلسانه فيقول هذا هدي أو يقلده أو يشعره ينوي بذلك إهداءه فيصير واجبًا معينًا يتعلق الوجوب بعينه دون ذمة صاحبه ويصير في يدي صاحبه كالوديعة يلزمه حفظه وإيصاله إلى محله، فإن تلف بغير تفريط منه أو سرق أو ضل لم يلزمه شيء لأنه لم يجب في الذمة، إنما تعلق الحق بالعين فسقط بتلفها كالوديعة، وقد روى الدارقطني بإسناده عن ابن عمر قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: من أهدى تطوعًا ثم ضلت فليس عليه البدل إلا أن يشاء، فإن كان نذرًا فعليه البدل، فأما إن أتلفه أو تلف بتفريطه فعليه ضمانه، لأنه أتلف واجبًا لغيره فضمنه كالوديعة، وإن خاف عطبه أو عجز عن المشي وصحبة الرفاق نحره موضعه وخلى بينه وبين المساكين ولم يبح له أكل شيء منه، ولا لأحد من صحابته، وإن كانوا فقراء ويستحب له أن يضع نعل الهدي المقلد في عنقه في دمه ثم يضرب به صفحته ليعرفه الفقراء فيعلموا أنه هدي وليس بميتة فيأخذوه – انتهى. وقال عياض: أما ما عطب من الهدى الواجب قبل النحر فقال مالك والجمهور: يأكل منه صاحبه والأغنياء لأن صاحبه يضمنه لأنه تعلق بذمته، واختلف هل له بيعه فمنعه مالك وأجازه الجمهور – انتهى. وهكذا ذكر ابن رشد، والأبي في الإكمال، وأما مذهب الشافعية فقال النووي في شرح مسلم: إن كان هديًا منذورًا لزمه ذبحه، فإن تركه حتى هلك لزمه ضمانه كما لو فرط في حفظ الوديعة حتى تلفت، فإذا ذبحه غمس نعله التي قلده إياها في دمه ليعلم من مر به أنه هدي فيأكله ولا يجوز للمهدي ولا لسائق هذا الهدي الأكل منه، ولا يجوز للأغنياء الأكل منه مطلقًا، لأن الهدي مستحق للمساكين فلا يجوز لغيرهم ويجوز للفقراء من غير أهل هذه الرفقة ولا يجوز لفقراء الرفقة – انتهى. وهذا خلاف ما ذكره الشافعي في الأم

<<  <  ج: ص:  >  >>