للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

..............................................................................................

ــ

البدنات قال: من شاء اقتطع – انتهى. قال الشنقيطي: وأظهر القولين عندي أنه لا تبرأ ذمته بذبحه حتى يوصله إلى المستحقين، لأن المستحقين إن لم ينتفعوا به، لا فرق عندهم بين ذبحه وبين بقائه حيًا، ولأن الله تعالى يقول: {وأطعموا البائس الفقير} (٢٢: ٢٨) ويقول: {وأطعموا القانع والمعتر} (٢: ٣٦) والآيتان تدلان على لزوم التفرقة والتخلية بينه وبين الفقراء يقتسمونه تفرقة ضمنية، لأن الإذن لهم في ذلك وهو متيسر لهم كإعطائهم إياه بالفعل، والعلم عند الله تعالى. وقول من قال إن الهدي المذكور إن تعيب في الطريق فعليه نحره، ونحر هدي آخر غير معيب لا يظهر كل الظهور، إذ لا موجب لتعدد الواجب عليه وهو لم يجب عليه إلا واحد، وحجة من قال بذلك: أنه لما عينه متقربًا به إلى الله لا يحسن انتفاعه به بعد ذلك ولو لم يجزئه، وأما الواجب المعين بالنذر كأن يقول: نذرت لله إهداء هذا الهدي المعين، فالظاهر أنه يتعين بالنذر ولا يكون في ذمته، فإن عطب أو سرق لم يلزمه بدله، لأن حق الفقراء إنما يتعلق بعينه لا بذمة المهدي، والظاهر أنه ليس له الأكل منه، سواء عطب في الطريق أو بلغ محله، وحاصل ما ذكرنا راجع إلى أن ما عطب بالطريق من الهدي إن كان متعلقًا بذمته سليمًا فالظاهر أن له الأكل منه والتصرف فيه، لأنه يلزمه بدله سليمًا، وقيل: يلزم الذي عطب والسليم معًا لفقراء الحرم، وأن ما تعلق الوجوب فيه بعين الهدي كالنذر المعين للمساكين ليس له تصرف فيه ولا الأكل منه إذا عطب ولا بعد نحره إن بلغ محله على الأظهر – انتهى. تنبيه: اختلف فيما إذا ضل المعين فذبح غيره ثم وجد الضال. قال الشنقيطي: الأظهر عندي أنه إذا عين هديًا بالقول أو التقليد والإشعار ثم ضل ثم نحر هديًا آخر مكانه ثم وجد الهدي الأول الذي كان ضالاً، أن عليه أن ينحره أيضًا، لأنه صار هديًا للفقراء فلا ينبغي أن يرده لملكه مع وجوده، وكذلك إن عين بدلاً عنه، ثم وجد الضال فإنه ينحرهما جميعًا، قال ابن قدامة في المغني (ج ٣: ص ٥٣٥) : وإن ضل المعين فذبح غيره ثم وجده، أو عين غير الضال بدلاً عما في الذمة، ثم وجد الضال ذبحهما معًا. روى ذلك عن عمر وابنه وابن عباس وفعلته عائشة، وبه قال مالك والشافعي وإسحاق، ويتخرج على قولنا فيما إذا تعيب الهدي فأبدله، فإن له أن يصنع به ما شاء أن يرجع إلى ملك أحدهما، لأنه قد ذبح ما في الذمة فلم يلزمه شيء آخر كما لو عطب المعين، وهذا قول أصحاب الرأي. ووجه الأول ما روى عن عائشة أنها أهدت هديين فأضلتهما فبعث إليها ابن الزبير هديين فنحرتهما، ثم عاد الضالان فنحرتهما، وقالت: هذه سنة الهدي، رواه الدارقطني، وهذا منصرف إلى سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولأنه تعلق حق الله بهما بإيجابهما أو ذبح أحدهما، وإيجاب الآخر – انتهى كلام ابن قدامة. قال الشنقيطي بعد ذكره: وليس في المسألة شيء مرفوع، والأحوط ذبح الجميع كما ذكرنا أنه الأظهر والعلم عند الله تعالى، ثم قال الشنقيطي: إن الهدي إن كان معينًا بالنذر من الأصل بأن قال: نذرت إهداء هذا الهدي بعينه أو معينًا تطوعًا إذا رآه صاحبه في حالة يغلب على الظن أنه سيموت فإنه تلزمه ذكاته، وإن فرط فيها حتى مات كان

<<  <  ج: ص:  >  >>