للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

.......................................................................................

ــ

عليه ضمانه، لأنه كالوديعة عنده، أما لو مات بغير تفريطه أو ضل أو سرق فليس عليه بدل عنه لأنه لم يتعلق الحق بذمته بل بعين الهدي، والأظهر عندي إن لزمه بدله بتفريطه أنه يشتري هديًا مثله وينحره بالحرم بدلاً عن الذي فرط فيه، وإن قيل بأنه يلزمه التصدق بقيمته على مساكين الحرم فله وجه من النظر، والله أعلم، ولا نص في ذلك – انتهى. وأما ما يجوز الأكل منه من الهدايا إذا بلغت محلها وما لا يجوز فقد اختلفوا فيه أيضًا فذهب مالك وأصحابه إلى جواز الأكل من جميع الهدي واجبه وتطوعه إذا بلغ محله إلا ثلاثة أشياء: جزاء الصيد، وفدية الأذى، والنذر الذي هو للمساكين. قال الأبي: أما ما بلغ من الهدي محله فمشهور مذهب مالك أنه لا يأكل من ثلاثة: من الجزاء والفدية ونذر المساكين، ويأكل مما سوى ذلك، وبه قال فقهاء الأمصار وجماعة من السلف – انتهى. وهكذا حكى الباجي، وقال الدردير: لما كان الأكل من دماء الحج ينقسم منعًا وإباحة باعتبار بلوغ المحل وعدمه أربعة أقسام أشار للأول منها وهو المنع مطلقًا بقوله (ولم يؤكل) أي يحرم على رب الهدي أن يأكل (من نذر مساكين عين لهم) باللفظ أو النية بأن قال هذا نذر الله ونوى أن يكون للمساكين (مطلقًا) بلغ محله أو لم يبلغ، ومثل نذر المساكين هدي التطوع إذا نواه للمساكين وكذا الفدية إن لم يجعل هديًا فهذه ثلاثة يحرم الأكل منها طلقًا، وأشار للقسم الثاني بقوله (عكس الجميع) أي جمع الهدايا غير ما ذكر من تطوع أو واجب لنقص بحج أو عمرة من ترك واجب أو فساد أو فوت أو تعدي ميقات أو متعة أو قران أو نذر لم يعين فله الأكل منها مطلقًا بلغت محلها أو لا، وإذ جاز له الأكل في الجميع (فله إطعام الغني والقريب) وأولى غيرهما ثم استثنى مما يؤكل منه مطلقًا ما يؤكل في حال دون حال، وتحته قسمان أولهما ثالث الأقسام الأربعة بقوله (إلا) ثلاثة (نذرًا لم يعين) مثل لله عليّ هدي للمساكين (والفدية) إذا جعلت هديًا (والجزاء) للصيد فلا يأكل من هذه الثلاثة (بعد بلوغ المحل) سالمة، فأما إن عطبت قبله فيأكل منها لأن عليه بدلها وأشار لرابع الأقسام بقوله (وهدي تطوع) لم يجعله للمساكين بلفظ ((ولا نية)) ومثله النذر المعين الذي لم يجعل لهم (إن عطب) قبل محله فلا يأكل منه، وأما إن وصل لمحله سالمًا فإنه يأكل منه – انتهى، وقال اللخمي: كل هدي واجب في الذمة عن حج أو عمرة من فساد أو متعة أو قران أو تعدي ميقات أو ترك النزول بعرفة نهارًا أو ترك النزول بمزدلفة أو ترك رمي الجمار أو أخر الحلق يجوز الأكل منه قبل بلوغ محله وبعده، أما جزاء الصيد وفدية الأذى فيوكل منهما قبل بلوغهما محلهما ولا يؤكل منهما بعده، وأما النذر المضمون إذا لم يسمعه للمساكين فإنه يأكل منه بعد بلوغه محله، وإن كان منذورًا معينًا ولم يسمه للمساكين أو قلده أو أشعره من غر نذر أكل منه بعد بلوغه محله ولم يأكل منه قبله، وإن عين النذر للمساكين أو نوى ذلك حين التقليد والإشعار لم يأكل منه قبل ولا بعد، والحاصل أن النذر المعين للمساكين لا يجوز له الأكل منه مطلقًا عند مالك، وأن النذر المضمون للمساكين حكمه عند المالكية حكم جزاء الصيد وفدية الأذى فيمتنع الأكل منه

<<  <  ج: ص:  >  >>